نقطة على السطر
بسّام الطيارة
لا حديث عن جنيف ٢ ولا عن داعش ولا عن النظام. فلننسى الابراهيمي وكيري ولافروف. همنا اليوم هو «إنسانية اللبنانيين». تحقيق يقول بأن أهل عكار ضاقوا زرعاً باللاجئين السوريين. تعليق من هنا يقول المطلوب إغلاق الحدود. مقال من هناك يقول إن السوريين وراء العنف اللبناني يجب تأطير تواجدهم في لبنان. أخر يتأفف من «كثرة الشحاذين» على مفارق الطرق وتحت الجسور ويشير إلى أنهم …سوريين. أخبار تحملها صفحات الأحداث لتروي وتبرر ضرب «عمال سوريين» عائدين إلى أكواخهم في أطراف قرية. تعليقات تقول إن «الأمن اختفى من لبنان … بسبب السوريين».
تضحك كثيراً عند قراءة مثل هذه «التأكيدات» وتحاول اقتحام شاشة الحاسوب لتسأل السيدة التي كتبت وفشت خلقها: عن أي أمن تتكلم أمن ١٩٧٥ أم ١٩٨٢ أم ١٩٨٩ أم حرب الجبل أم حرب عون،تريد أن تحشرها بالسؤال أي ضربة من ضربات إسرائيل هي تقصد ١٩٧٨ أم ١٩٨٢ أم ١٩٩٦ أم ٢٠٠٠ أم ٢٠٠٦ ؟ أم تريد العودة إلى ضرب مطار بيروت ١٩٦٩ أم أبعد من ذلك ؟ منذ عقود أي أمن يعم في لبنان؟
نريد أن نسأل لكل من يُحمِّل السوريين النازحين الهاربين من الموت إلى لبنان وزر «ضيقته»، نريد أن نسأل: هل حكومة ميقاتي استقالت بسبب عدم الاتفاق على طريقة نجدة النازحين؟ هل تمام سلام يعجز عن تأليف حكومة لأن لا توافق على كميات الإعانة التي يجب أن يقدمها اللبنانيون لأشقاءهم السوريين؟ هل سعد الحريري خارج لبنان لخلاف مع حزب الله حول طريقة إيواء إخواننا السوريين؟ هل تعجز السلطات اللبنانية عن تمرير قانون النفط لأن اللاجئين السوريين يقبعون على شواطئ لبنان … ينظرون كيف يمكنهم الهرب نحو موت أكيد أمام شواطئ أوروبا؟
عيب.
عندما أقرأ الصحافة اللبنانية أخجل.
إنها العنصرية التي لا تريد أن يشار إليها.
كيف نسى اللبنانيون أنهم أشقاء السوريين؟ …كل السوريين من هو مع ومن هو ضد النظام من هو مع المعارضة ومن هو ضد المعارضة.
لبنان منقسم مع وضد بشار. والنازحين مع وضد بشار. لو أخذ من هو «مع» كل النازحين الذين هم «مع»، وفعل كذلك من هو «ضد» لكان من المفروض أن لا تأفف ولا ضيقة. ولكن الشعب اللبناني عجيب!
لندع جانباً القوانين الدولية وننظر فقط إلى قوانين الأخوة… من من اللبنانيين ليس له رابط عائلي مع نقطة تراب سورية؟ من منا لم تستقبله سوريا الأرض يوماً… ورحبت به لكنة الدمشقي الجميلة ولسان الحلبي الموسيقي ونبرة الحمصي وترحيب أهل حماة. من منكم لم يتنشق هواء الزبداني أو يسمع عن جمال جبالها الخضراء وكرم أهاليها؟
نسيتم يا أهل لبنان الحرب اللبنانية وكيف فتحت الدول أبوابها لكم؟ وسوريا ألم تكن أول من استقبلكم؟
نسيتم سهراتكم في سوريا بعيداً عن الحرب. سهرات المتحاربين بعيداً عن الخنادق!
بعيداً عن السياسة وعن دهاليزها… بعيداً عن الوجود السوري زمن الحرب وثقله، معارضون ومؤيدون أنتم هنا أنا أسألكم: نسيتم ربطات الخبز التي كانت تأتي من سوريا في سيارات التاكسي الصفراء؟ نستم تنك السمن؟ نسيتم من ذهب للعمل إلى «الشام». بلاد الشام التي استقبلت اللبنانيين كل اللبنانيين بغض النظر عن طوائفهم.
اليوم تحسبون تكلفة النزوح السوري ونسيتم حساب تكلفة نزوحكم إلى أرجاء المعمورة.
اليوم تتأففون.
اليوم يضيق صدر اللبنانيين من «النازحين السوريين الذين في الشوارع» يريدونهم في … الفنادق الفاخرة.
بحق تريدون لبنان «فندق» فقط. لا إنسانية عبر تصرفكم لا ترفع.