- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

هكذا يتمسّك الفلسطينيون بأرضهم

‎إغراق الأرض بالمياه المبتذلة لم يفلح في إحباط عزيمة أصحابها

بيت لحم  ــ فادي هاني
تبدأ الحكاية من فكرة أن “الأرض هي العرض” لكل فلسطيني، ولا شيء قد يؤرق المواطن في الضفة الغربية سوى كلمة “مصادرة” هذه الأرض من قبل الاحتلال ومستوطنيه، وهو ما يحصل فعلاً في غالبية القرى الفلسطينية الواقعة على خط التماس، أو المحيطة بمدينة القدس المحتلة.
“بيتار عيليت” هو اسم مستوطنة إسرائيلية مقامة على أراض قريتي حوسان ونحالين في محافظة بيت لحم، ورغم امتدادها وسرقتها لغالبية الأراضي الزراعية، إلا أن ما سلم من هذه الأراضي لا يزال صامداً بأيدي المزارعين أصحاب الأرض الأصليين.
راجي عبد العزيز سباتين “ابو العبد” هو الابن الاكبر بين اشقائه، رافق والده مراراً وتكراراً الى أرضه، فهو يتذكر المقولات التي تركها الوالد والتصقت في عقله، ولا تزال حاضرة كأنه يسمعها الان.  وسط اشجار الزيتون واللوزيات تبادلنا الحديث مع سباتين، الذي قال “هذه الارض كانت مهددة بالمصادرة منذ العام 1982، حيث توجه الوالد الى المحاكم الاسرائيلية من اجل الدفاع عنها، وكانت الذريعة دائما انه لا يوجد اوراق ثبوتية “الطابو” واستمرت المحاكم حتى عام 2007، استطعنا استصدار الاوراق الثبوتية وعملنا على احاطتها بسياج سلكي من كل الاتجاهات، حيث تبلغ مساحة القطعة الاولى 33 دونماً، اما الثانية فتبلغ 18 دونماً، ويقوم بفصل القطعتين شارع يسير عليه المستوطنون”.
ومن هنا، يقول سباتين، بدأت الانتهاكات التي تمارس ضدنا، فبعد صدور الحكم لم يرق للمستوطنين وجود أي فلسطيني بالمستوطنة، وبدأوا بالاعمال الوحشية ضدنا من فتح مياه المجاري وحرق الاشجار وحتى الغرفة التي كانت تحوي معدات الزراعة لم تفلت من الحرق لاكثر من مرة، ناهيك عن تخريب وسرقة المحصول الزراعي.
ورغم ذلك، يصر سباتين على التمسك بارضه، فهو يعتبر نفسه مدافعاً عن “كرامة الامة” وسط غابة من الوحوش، وينتظر أي دعم ولو قليل يسانده في صموده امام غطرسة الاحتلال الاسرائيلي، فالاحتلال يسمح له بالدخول عبر مدخل مستوطنة بيتار والسير وسط المستوطنة للدخول الى ارضه، لكنه يخشى ان يفقد هذا الحق ويمنع من الوصول الى ما بقى له من كرامة على هذه الارض.
“ان ثمن هذه الارض لا يتعدى النصف مليون دولار”، يقول سباتين، الا انني اتعرض لمساومات لبيعها، ففي عام 2007 وصل المبلغ لـ 35 مليون دولار بالاضافة الى الحصول على جواز سفر اميركي.
الحاجة فاطمة عيسى سباتين “أم راجي” حدثتنا، بينما تجمع ثمار اللوز لتطعمنا شيئاً منها، عيونها بدأت بذرف الدموع وهي تروي لنا ما حصل لأرضها، حيث قالت “انا اجلس هنا في ارضي في حياتي، هنا توفي زوجي وانا مصرة على الموت فيها كما رحل زوجي، فنحن منها واليها، لن نتنازل عن ذرة من تراب هذه الارض”، ورفعت يديها الى السماء “حسبنا الله ونعمة الوكيل”.
“الكل شهد بأن تثبيت هذه الارض يرجع الى زوجي ابو راجي”، تقول الحاجة، “وعند وفاة زوجي شعرت بأن كل شيء رحل معه وان هذه الارض سترحل معه هي الأخرى، لكني اوصيت اولادي بالتمسك بارضهم التي تركها والدهم وأن يسيروا على درب والدهم في الحفاظ والعناية بها”. وتختم “الحمد لله الارض ما زالت لنا وستبقى لنا”.