- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

“عصفوري” فؤاد عليوان يغرّد فوق ذاكرة بيروت

1209205_648814018497405_1728021358_nمعمر عطوي

يحاول المخرج اللبناني فؤاد عليوان في فيلمه الجديد “عصفوري” الذي تعرضه بعض صالات السينما في لبنان، تقديم صورة عن الحرب من خلال مبنى يذكرنا بفيلم “البيت الزهر”، للمخرج خليل جريج وزوجته المخرجة جوانا حجي توما، والذي عُرض لأول مرة في بيروت عام 1999.

وبينما تكون قضية “البيت الزهر” متعلقة بمصيرعائلات تسكن أحد مباني بيروت قبل أن تأتي شركات الإعمار لتحول المبنى الى مشاريع عقارية جديدة في المنطقة التي باتت تعرف اليوم بالوسط التجاري (سوليدير)، يتحدث عليوان عن عمارتين كائنتين في محلة الصنائع في بيروت، تعود ملكيتهما لأبي عفيف، الرجل الذي عاش في الحي فترة ما قبل بداية الحرب اللبنانية في السبعينيات.

يسعى أبو عفيف الى تجديد المبنيين لكن الحرب تقف حائلاً امام طموحه، وتنقلب الأمور رأساً على عقب فتُباع إحدى العمارتين وتبقى الأخرى مع أبناء وأحفاد ابو عفيف وبعض المالكين القدامى والجدد. يهاجر كريم الى أميركا ويموت البعض وينتقل البعض إلى اماكن أخرى. تنتهي الحرب ويعود كريم (وسام فارس) ليحقق حلم جده بتحديث المبنى فيتفاجأ بشركة إعمارية تسعى الى إغراء بعض المالكين في المبنى لشرائه وبالفعل يرضخ البعض للاغراء ويظل البعض ومنهم كريم وعائلته رافضين البيع لكن في النهاية يفشل مشروعه بعد انقسام المالكين.

يعيش كريم علاقة ملتبسة مع مايا الفتاة الكندية من أصل لبناني. مايا تمثل إبنة البرجوازي الذي لا يجد وقتاً كافياً للجلوس مع عائلته، فتراها حزينة رغم كل ما تملكه من أسباب الترفيه والعيش، لكنها في النهاية تجد سعادتها مع كريم الذي يقضي معها أوقاتاً جميلة لعله اجملها مشهد غنائي يتمثل فترة السبعينات تقوم به مايا بشكل لطيف جداً وجذاب.

يحاول المخرج، الذي كتب نص الفيلم بالتعاون مع زوجته روزي عبده، أن يكثف مشاهداته من أيام الحرب، الى ما بعد الحرب، فيقع في مشكلة اضطراب السياق بين مشاهد الذكريات القديمة وصور الأحداث المعاصرة. ومن غير المفهوم كيف مر مشهد عملية للمقاومة الوطنية ضد ضباط الاحتلال الاسرائيلي بصورة سريعة وضبابية.

الموسيقى في بعض المشاهد كانت لافتة، لكنها في أماكن معينة لم تخدم المشهد كما يجب أو لم تتلائم مع الأحداث. لكن في مجمل العمل الفيلم واقعي وجميل ويمثل مرحلة مهمة من مراحل الحرب التي دمّرت البشر والحجر ومرحلة ما بعد الحرب التي دمرت ما تبقى من الذاكرة.

هو مجموعة من العائلات تمثل الخلطة اللبنانية، لكن الجميل ان المخرج لم يتورط في معزوفة تكرارية مبتذلة عن تعايش المسلمين والمسيحيين. فترك للمشاهد الاستنتاج بأن هذه العمارة هي لبنانية ولبنانية فقط من دون تفاصيل على طريقة العبارات النابية حول تأكيد صفة التعايش وما الى ذلك. لم يقل عليوان في الفيلم “كلنا إخوة” تماهياً مع رسالة زياد الرحباني في مسرحية “نزل السرور”.

في نهاية الحرب تبدأ الشركات العقارية باستدراج كل عائلة على حدة واغرائها لبيع شقتها الى الشركة بحجة أن المشاريع الجديدة التي تقودها رؤوس أموال عالمية تعمل على تدمير المباني القديمة لتشيّد مكانها مجمعات تجاريةً ضخمة “malls”.

الممثلون قدّموا أفضل ما لديهم من آداء، خصوصاً مجدي مشموشي ويارا ابو حيدر(حصلت على جائزة أفضل ممثلة في مهرجان وهران عن دورها في الفيلم)، كذلك حصل الفيلم في مهرجان وهران على تنويه خاص كأفضل فيلم وأفضل ممثل (وسام فارس).