- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

إسرائيل لا تكذب: تفاوض وتبني مستعمرات

Bassam 2013نقطة على السطر

بسّام الطيارة
من قال إن إسرائيل تكذب؟ غلط إسرائيل لا تكذب عندما تقول إن الفلسطينيين كانوا على علم مسبق بأن العودة إلى طاولة المفاوضات لا يعني بأي حال وقف الاستيطان. إسرائيل لا تكذب عندما تقول إن الاتفاق لا يشمل إلا «الأسرى الفلسطينيين المسجونين قبل أوسلو» أي قبل ١٩٩٣، أي قبل ٣٠ سنة وهي حالات إنسانية تقرها كافة القوانين في العالم، والافراج عنهم يسمح لإسرائيل بإسكات المنظمات الدولية المطالبة بالإفراج عن السجناء الذين تجاوزت سنوات حبسهم الـ …٢٠ سنة.
صعد محمود عباس إلى شجرة «لا عودة إلى المفاوضات قبل وقف الاستيطان» وانتظر ٤ سنوات أي مدة ولاية أوباما الأولى، ولم يقدم له أحد سلماً لينزل من على تلك الشجرة. قفز مستعيناً بحبل الكذب. عاد إلى المفاوضات عارياً وقد ترك هندامه على الشجرة وفقط ورقة توت صغيرة غطت عورة كذبه قدمها له جون كيري تحت مسمى «انتهاء المفاوضات خلال تسعة أشهر».
مضحك كيف يضحك العالم على العرب بشكل عام وعلى الفلسطينيين بشكل خاص! لماذا تسعة أشهر وليس ثماني أو عشرة أو ١٢ شهراً؟ علماً بأن نتانياهو خلال سنوات «إقامة» عباس على شجرة التعنت بنى آلاف الوحدات السكنية من دون أن يحاول عباس البحث عن شجرة أعلى ليصعد عليها بل كان ينظر إلى أسفل ليرى كيف سينزل بغياب سلم يقدمه له أوباما.
إسرائيل لا تكذب ولكنها تحتال وصولاً لأهدافها والعرب والفلسطينيون ينظرون ولا يبصرون يسمعون ولا يفقهون.
منذ أيام أعلنت الإدارة الإسرائيلية عن إطلاق مناقصات لبناء «٢٤ ألف وحدة سكنية» هب عباس ينظر إلى الشجرة وعلا صوته يهدد بالصعود إليها ووقف المفاوضات، وفي حركة تمثيلية بارعة «تراجع نتانياهو» في نفس النهار وأعلن «وقف» العطاءات. نفخ عباس صدره وتنفس الصعداء لم يعد مجبراً على الصعود إلى شجرة ليعود ويقفز منها ويؤلم ضلوعه ويبلع كرامته.
ولكن في حين كانت إسرائيل تشير بكافة أصابعها إلى الـ«٢٤ ألف وحدة سكنية» كانت الإدارة تضع «اللمسات» الأخيرة لخطتها في  حي رامات شلومو الاستيطاني في القدس الشرقية التي أعلنتها في نهاية الشهر الماضي بعيد إطلاق «٢٦ معتقلاً» من سجن عوفر. ما هي هذه اللمسات التي مرت مرور الكرام عند عباس وكافة المسؤولين الفلسطينيين وكافة الوسائل الإعلامية التي عند كل إعلان عن إطلاق مشروع استيطاني، تكتفي بنقل «تنديد ورفض» المسؤولين الفلسطيينين بنبرة عالية لا تقدم ولا تؤخر في خطط إسرائيل. (للحق بعض الصحف الفلسطينية تقوم بنشر جردات عن الانتهاكات الإسرائيلية اليومية على «وقع المفاوضات» انقر هنا)
الخطة التي مرت «بصمت» هي قوننة مشروع إحاطة مستعمرة رامات شلومو بـ«محمية طبيعية» الذي صدر يوم ١٣ تشرين الثاني/نوفمبر غداة «تراجع نتانياهو» في نفس الوقت الذي كان عباس يصدح بصرخة انتصار بسبب تراجع نتانياهو عن بناء الـ«٢٤ ألف وحدة» وكأننا حررنا فلسطين !
للتذكير فقط مستعمرة رامات شلومو انشئت أصلاً في منطقة أعلنت محمية طبيعية (منطقة خضراء) عام ١٩٩٠ وتوسعت لتصل مساحتها إلى ١٦٥٠ دونماً وبات يقطنها اليوم ما يزيد عن ١٥ ألف مستوطن. وأهميتها هي أنها تشكل صلة وصل بين مستعمرة «رامات أشكول» ومستعمرة «راموت» وربط المستعمرات الثلاث أقفل منفذ القدس الشمالي على الضفة الغربية. وتوسيع الأراضي التي تحيط برامات شلومو من الشرق والشمال بقرار جديد يعني ضم المزيد من الأراضي لفصل القرى الفلسطينية وتمدد جديد شرقاً وشمالاً بينما عباس يبحث عن شجرة ليصعد إليها …قبل أن يقفز من جديد.
عندما سألنا «مسؤول» فلسطيني قبل أسابيع لماذا التفاوض في هذه الظروف، أجاب المسؤول (عن قناعة ظاهرة ولكن مؤلمة ومبكية) ميزان القوى اليوم هو لصالح إسرائيل سنأخذ ما نستطيع … نأخذ ونطالب. مؤلم هو حديث من ينظر ولا يبصر… إسرائيل تأخذ وتأخذ وعباس لا يأخذ شيئاً ويكتفي بالمطالبة والبحث عن أشجار ليهدد من فوقها بعدم النزول قبل أن … يقفز.