- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

أعداء الأمس .. أصدقاء الغد

Najat 2013_2نجاة شرف الدين

عندما سئل الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز ، خلال مؤتمر الأعمال في تل أبيب من قبل الصحافي في محطة السي أن أن ريتشارد كويست ، عن مدى إستعداده للقاء الرئيس الإيراني حسن روحاني ، رد بالقول ” لما لا ، ليس لدي أعداء ” وأضاف ” ليست مسألة شخص بل سياسة ” معتبرا أن الهدف ” تحويل الأعداء الى أصدقاء ولو كان روحاني فقط فأنا مستعد إنما هناك عوامل أخرى وأشخاص آخرين. الحرس الثوري ، نصف الجيش ونصف المنظمات تنشر الإرهاب حول العالم ولست متأكدا أنهم يدعمون الرئيس ، يجب أن نراقب التوازنات بالنسبة للوضع ” . بيريز الذي أحدث ضجة إعلامية بدعوته للقاء الرئيس الإيراني ، ولو جاءت ردا على سؤال ، أكد على الموقف الإسرائيلي من الملف النووي قائلا ” إسرائيل لن تدع إيران تشكل خطرا نوويا للعالم وكل الخيارات ما تزال على الطاولة لإعطاء وزن للكلمات ” إلا أنه عاد وأعلن أن إسرائيل تفضل الحل الدبلوماسي .
هذه المواقف التي أطلقها بيريز تزامنت مع مواقف تصب في الإطار نفسه ولو بأسلوب مختلف ، أعلنها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو من مركز سابان للسياسة في الشرق الأوسط  في معهد بروكينغز في واشنطن ، عندما قال ” في الوقت الذي تتحضر فيه إسرائيل للقيام بما يلزم للدفاع عن نفسها نشارك الرئيس أوباما تفضيله لرؤية نهاية البرنامج النووي الإيراني عن طريق الدبلوماسية ” واستعمل الجملة نفسها ” الحل السياسي أفضل من الحل العسكري ” . هذا الموقف ألذي يأتي بعد إنتقادات عديدة صدرت من المسؤولين الإسرائيليين كما عدد كبير من المقالات التي حملت نتانياهو مسؤولية تدهور العلاقة مع الولايات المتحدة ، وكان لافتا الموقف الذي أعلنه سفير إسرائيل في الأمم المتحدة دان شبيرو الذي ناقض موقف نتانياهو الأخير باعتباره الأتفاق النووي يؤذي عملية السلام قائلا ” ان لا علاقة بين هذين الموضوعين معتبرا أن الولايات المتحدة لا ترى أي علاقة بين موضوع النووي الإيراني والمفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية .
الإتفاق النووي الإيراني الذي خلط الأوراق في المنطقة وحتى في الداخل الإسرائيلي ، دافع عنه الرئيس الأميركي باراك أوباما ،وفي منتدى سابان العاشر نفسه الذي تحدث فيه نتانياهو ، متعهدا بتشديد العقوبات أو الإعداد لضربة عسكرية محتملة إذا لم تلتزم طهران بالإتفاق ، إلا أنه أضاف ” من غير الواقعي الإعتقاد أن إيران ستوقف برنامجها النووي وتفككه بالكامل إذا إستمر تشديد نظام العقوبات الناجح ولم يتم إعطاء المحادثات فرصة للنجاح مشيرا الى ان أي قدرة على التخصيب ستترك لإيران ستكون محدودة ” . أوباما الذي حاول  طمأنة إسرائيل والتودد لنتانياهو بمخاطبته ” صديقي بيبي ” قال ” لن نتغاضى عن أي تهديدات لأصدقائنا وحلفائنا في المنطقة والتزامنا بأمن إسرائيل شيء مقدس ” .
من جهته ، يمضي الرئيس الإيراني حسن روحاني قدما بمسيرته الإنفتاحية ، وهو الناشط على مواقع التواصل الإجتماعي ، يعاونه وزير خارجيته الظريف بتغريداته المتواصلة والموحية بأن شيئا ما قد تغير في إيران الأمس في إتجاه إيران الغد .
يبدو أن خط واشنطن إسرائيل طهران سترتفع وتيرته هذه الأيام مع البدء بتنفيذ المرحلة الأولى من الإتفاق ، عبر إرسال المراقبين والخبراء ومفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذين بدأوا زيارتهم ب آراك ، كما يبدو أن المواقف ستتصاعد من أجل تحصيل المكتسبات السياسية ، في زمن طرح الأوراق على الطاولة قبيل التوقيع النهائي بعد ستة أشهر ، وهنا تبرز مقولة علم السياسة ، لا أصدقاء دائمون ولا أعداء دائمون ، فماذا لو لبى الرئيس الإيراني  دعوة عدوه اليوم الرئيس الإسرائيلي وحصلت زيارة لتل أبيب ، وماذا لو تحول أعداء الأمس  الى أصدقاء الغد ؟ في السياسة كل شيء ممكن …