- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

مفاوضات كيري … شاورما

Najat 2013_2نجاة شرف الدين

للمرة التاسعة في غضون تسعة أشهر يزور وزير الخارجية الأميركي جون كيري الأراضي الفلسطينية وإسرائيل ، في محاولة لاستكمال اقتراحه من أجل التوصل الى نهاية سعيدة لمفاوضات السلام التي حدد لها  جدولا زمنيا من تسعة أشهر ينتهي في  أيار المقبل لتكون خريطة الإتفاق الفلسطيني الإسرائيلي جاهزة للتوقيع . هذا الموعد الذي وحده كيري يعبر عن تفاؤله بحصول تقدم بشأنه كما بشأن التفاصيل لا سيما الأمنية منها بين الجانبين ، لم يصدر أي موقف داعم له ، في ظل التصاريح التي تتحدث عن عراقيل عديدة في الأمن والسياسة والحدود والتي تتعلق بالأتفاق النهائي أم المؤقت وهو ما حاولت توضيحه المتحدثة باسم الخارجية الأميركية جينيفر بساكي عندما أكدت رغبة الولايات المتحدة في صياغة ” اتفاق نهائي ” وليس تسوية مرحلية أو مؤقتة بين الفلسطينيين والإسرائيليين

جولات كيري المتكررة ، التي تأتي على إيقاع الإتفاق النووي الإيراني مع الدول الست الكبرى ، يحرص الوزير الأميركي على القول إنه تم إحراز تقدم بشأن القضايا الصعبة في المفاوضات مضيفا في مقابلة مع  قناة “إيه بي سي” الإخبارية الأمريكية “اتفقنا على عدم الإدلاء بأحاديث عما نقوم به لأن هذا يثير توقعات وضغطا. كما أنه يخلق معارضة في بعض الحالات”معتبرا أنه  “من الأفضل كثيرا بالنسبة لنا أن نفعل بالضبط بمانقوم بعمله ألا وهو التفاوض بهدوء وعلى نحو خاص والعمل مع طاقم تفاوضي والزعماء على نحو مباشر ونحاول حل القضايا الصعبة. هذا بالضبط ما نقوم بعمله”. واستطرد “شخصيا أشعر بالتشجيع لأن قضايا صعبة للغاية بدأت تتبلور في صور خيارات عدة ربما أو ربما لإتاحة المجال  للزعماء للاختيار من بينها للمساعدة في التوصل إلى حل”.
هذا التفاؤل الذي يبديه كيري تناقضه الوقائع كما التصاريح من الجانبين ، ففي الجولة السابقة ثار الطرفان على المقترحات بشأن التسوية الأمنية في الضفة الغربية وتحديدا في منطقة الأغوار الحدودية مع الأردن ، واليوم وبعد الجولة الأخيرة التي لم يدم الإجتماع خلالها بالرئيس الفلسطيني محمود عباس طويلا ، ربما بسبب العاصفة التي كانت تضرب المنطقة ، يبدو المشهد غير وردي ، فالفلسطينيون رفضوا فكرة تقسيم الحل كما اقتراحات كيري ببقاء الجيش الإسرائيلي في منطقة الأغوار لعدة سنوات مع إدارة مشتركة للمعابر. في المقابل ، رفض الإسرائيليون فكرة وجود قوات دولية أخرى على الحدود وانسحابهم بعد سنوات. كما ان تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو التي جدد فيها شروطه لتحقيق التسوية من خلال تنازل الفلسطينيين بشكل تام وقاطع عن حق العودة والإعتراف بيهودية الدولة والإقرار بوجود الجيش الإسرائيلي على طول الحدود الشرقية ، كل ذلك إضافة الى الإنتقادات التي وجهت لكثيرين من الطرفين ، بددت التفاؤل الذي كان الوزير الأميركي بثه أثناء مغادرته المنطقة الجمعة الماضية بقوله إن الطرفين أقرب إلى اتفاق سلام  من أي وقت مضى.
جولات كيري التي تتزامن مع هدم المنازل الفلسطينية واستكمال سياسة الإستيطان ومشروع برافر الذي تم التراجع عنه مؤقتا خوفا من اندلاع انتفاضة جديدة ، اضافة الى تصريحات الصقور في الليكود عن ان هذه المفاوضات لا تلزم حركة حماس وغزة وهي ستؤدي الى إعطاء الضفة الغربية من دون ضمانات أمنية إسرائيلية كما يقول موشيه أرينز عضو الكنيست السابق ، الذي يعتبر ان الاتفاق بين عباس ونتانياهو لن ينهي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، يؤشر الى عدم جهوزية لأي تسوية قريبة بين الجانبين خاصة مع إعلان حركة حماس رفضها للمفاوضات وهو ما عبر عنه وزير خارجيتها محمود الزهار بقوله ” أن كل صفقة توقعها السلطة الفلسطينية مع إسرائيل لن تكون ملزمة للشعب  الفلسطيني، وأن الفلسطينيين الذين يجرون المفاوضات لا يتمتعون بالشرعية، وهم لا يمثلون الشعب الفلسطيني”.

مما لا شك فيه أن الرئيس الأميركي باراك أوباما يبدو مصرا على إستكمال مسار المفاوضات من خلال تفويض كيري بالمهمة حتى النهاية ، ولكن مما لا شك فيه أيضا أن خرائط وإقتراحات واتفاقات عديدة كان تم الإتفاق عليها لكنها لم تر النور ، وفي ظل التطورات في العامل العربي وإنشغال العرب بالثورات والأحداث يبدو الملف الفلسطيني متروكا لما بعد بعد الربيع العربي ، كما يبدو ان مفاوضات كيري لن يبقى منها سوى طعم ذلك ” السندويش ” الشهي الذي تذوقه في الضفة الغربية آنذاك … شاورما