- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

ربما هي مفارقة مضحكة للغاية ان يظلم صحافي سمير جعجع

fida1ولكن لا اعتذار ولا ندم ولا اسف.

لا اعتذار عما قلت، فلا القضاء هو ما ينطق بالحق في بلاد تمزقها اقطاعات مذهبية ولا حق الكلام سيرفع من امام الصحافيين فاذا ما ساد الخوف فالموت اجدى باصحاب الاقلام، ولا حكم او اتهام او شتيمة تخيف صحافي او كاتب رأي. ولا مال يدفع كتعويض لزعيم مذهبي، مدان بالقتل ومعفى عنه بقرار رئاسي من رئيس تم تعيينه خارج البلاد. وفي هذه اللحظة يصح القول ان السجن مفخرة.

لا اسف على اي كلمة قلتها، ليس لان الصحافي لا يخطيء، بل لانني لا زلت مقتنعا بكل ما كتبت، ولان كل ما كتبته استندت فيه الى معلومات ومصادر ووثائق، الكثير منها متداول ومنشور وبعضها غير متداول.

افتخر ربما بانني قلت ما قلته، وواجهت شخصا لا يمكن تخيله في موقع المظلوم، وكنت محظوظا بما يكفي حتى يعتبر القضاء اللبناني اني اول مواطن يظلم قائد القوات اللبنانية سمير جعجع، ويقرر تغريمي. في زمن يرسل فيه زعماء اللويا جورغا اللبنانيين بعشرات الالاف من مواطنيهم للقتال في سوريا ضد الشعب السوري او الى جانب القوى الاسلامية المتشددة.

لن يحصل سمير جعجع على فلس واحد، ليس فقط لانني لا اعيش في قصر فاره، ولا املك مواكب ومصادر مالية معلومة ومجهولة، ولا انتمي الى اقطاع السياسة، بل لانني لم اقتنع بقرار محكمة تنتمي الى قضاء لم يصدر الى اليوم مذكرة توقيف بمن فجر سيارات بمئات من مواطنيه، قضاء يمثل جزءا من دولة محاصصة مذهبية لم تنتج الا هشاشة وركاكة ومشاهدة ميليشيات ترسل مواطنيها الى الموت وتسير في مواكبهم الجنائزية.

بصفتي ومنذ يوم 16 ايار من العام 2012 صحافيا مستقلا، اعمل مع مؤسسات محلية واجنبية في سوريا حصرا، ومؤيدا للثورة السورية، ولكل الثورات في المنطقة العربية، فانني ببساطة احتفظ لنفسي كما العديد من زملائي الصحافيين، ووفق المعايير المهنية، بالحق الكامل بالاشارة الى كل من يحرض طائفته، وفقرائها ضد الطوائف الاخرى، مستفيدا من دم شعبه ومواطنيه، سواء من طائفته نفسها او من الطوائف الاخرى، احتفظ لنفسي بالحق في رفع اصبع الاتهام في وجهه.

وبصفتي هذه أمارس حريتي وواجبي في تسمية كل من يغلف جمهوره بالخوف من الاخرين، ويدفع بناسه ومواطنيه الى الالتحام حوله تحت مسميات عنصرية وطائفية لجني مكاسب سياسية لا تعني غيره وغير اسياده الخارجيين، او يدفعهم الى الموت تحت شعارات مذهبية او وطنية او قومية كاذبة، وبمواجهة فقراء طوائف اخرين.

ولا فرق بين ان يكون زعيم الطائفة المجرم والمحرض من الطائفة السنية او المارونية او الشيعية، ولا حرج في اختراق الغشاء الطائفي واتهام سياسيين من طوائف اخرى.

وبغض النظر عن اسم القائد الذي يدفع بالفقراء الى مقاتلة فقراء اخرين، اكان اسمه سمير جعجع، او حسن نصرالله، او سعد الحريري او ميشال عون، فالامر سيان والنتيجة واحدة، وحقنا كصحافيين في التعبير يبقى نفسه.

كما ان واجبنا كصحافيين هو تسمية الجريمة والاشارة الى المجرمين واساليبهم، دون المبالاة بالقوانين البالية القديمة، وبحكم القضاء الحامي لنظام المحاصصة والعاجز امام زعماء المذاهب، المجرمين منهم والمزمعين على الاستفادة من الاجرام.

واعدت نشر النص الذي ادعى قائد القوات اللبنانية سمير جعجع بناء عليه، واعفي جريدة “الأخبار” من اية مسؤولية، خاصة انها في تلك الفترة كانت بحالة غياب تامة عن الوعي تحريرا وادارة ومعنيين، كما اعفي اي اسم اخر من المسؤولية، واتحملها كاملة.

ولا يعني اعادة نشر النص اي تحدي للقضاء اللبناني الذي اصدر حكمه مشكورا، فهو بكل الاحوال عاجز عن مواجهة اي تحدي، وهو اعجز من ان يحاسب من نهب اموال تأهيل السجون، او ان يصدر مذكرة توقيف بالمتهمين بتفجير مواطنيهم، بفعل تنازع السياسيين في البلاد وهيمنتهم على كل مفاصل الحياة بما فيها القانونية، بل تأتي اعادة نشر النص للتأكيد على قناعتي بما كتبت، ولاقول انني لا اعتذر، بل اصر على ما سبق قوله، وان كان من السهل في اللحظة السياسية الراهنة اضافة اسماء على النص، بعد اجراء بضعة تعديلات طفيفة عليه.

وفي النهاية، فان من كان مثلنا فان مصيره الهجرة من البلاد، ومن يرفض فاما السجن واما الموت في الصمت، ولا اسأل القضاء اللبناني الا عن احوال الطقس في سجن رومية، فربما هناك يمكن ان يكتشف المرء حقيقة فساد النظام، ويتاح للصحفي اجراء بحث ميداني حول نهب الاموال المخصصة للسجون.

بالاتفاق مع الكاتب وبالتزامن مع نشرها في مدونته الخاصة