- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

موقف المواطن السعودي من «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»

نشرت وكالة «دويتشه فيله» الألمانية تحقيقاً حول «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر» واعتبرتها أنها بمثابة «شرطة دينية». وقد دأبت منذ تأسيسها كهيئة حكومية مستقلة على ملاحقة من يخالف تعاليم الدين وفق منظور المؤسسة الدينية السعودية. وهي تعتبر إحدى أذرع الدولة الدينية القوية.

في عام ٢٠٠٧ حصل أمر هز الشارع السعودي، حيث أدت مداهمة أفراد هيئة الأمر بالمعروف إلى مقتل المواطن سلمان الحريصي. وكانت الهيئة اتهمت المواطن ولاحقته وداهمت منزله بتهمة المتاجرة بالخمور. واتهمت الهيئة حينها بضرب المواطن حتى الموت وأحيلت القضية لجهات التحقيق وصدر حكم قضائي أولي بتبرئة رجال الهيئة، إلا أن محكمة التمييز في السعودية نقضت الحكم ولم يظهر حتى الآن حكم نهائي في القضية.

ويقول المحامي السعودي والقاضي السابق عبد العزيز القاسم لـوكالة الأنباء الألمانية حول تعامل القضاء السعودي مع رجال الهيئة: “يتعامل القضاء بنعومة مع أخطاء الهيئة”، في إشارة لعدم تجريم رجال الهيئة أمام القضاء في أي من القضايا التي رفعت عليهم على مدى تاريخ هذه المؤسسة.

هيئة فوق القانون

وكان مفتي المملكة العربية السعودية السابق الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ قد أفتى بخصوص أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ووضعهم القانوني حيث يقول المفتي: “أعضاء الهيئات الذين لا يقبل فيهم طعن ولا تطلب عليهم التزكية”. ويرفض المفتي مساواتهم بغيرهم من رجال الأمن والضبط الجنائي بخصوص الوقوف كمتهمين أمام المحاكم، ويرى الشيخ عبد العزيز القاسم المحامي والقاضي السابق أن هذه تعليمات مخالفة للإسلام صدرت لحماية رجال الهيئة من المساءلة.

وفي عام 2008 لاحقت دورية لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سيارة تقل شابا وفتاة مما أدى إلى اصطدام السيارة الملاحقة بشاحنة واحتراق الشاب والفتاة فيها. وفي ٢٠١٢ طاردت الهيئة بمنطقة الباحة جنوبي السعودية سيارة تقل شابا وزوجته إثر اشتباه رجال الهيئة بأن لا علاقة شرعية تربطهما، كما طاردت شابين في وسط الرياض وأدت مطاردتهما إلى مقتلهما إثر سقوط سيارتهما من أعلى أحد الجسور.

وشنت الصحافة السعودية هجوما ً على هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إثر الحادثة الأخيرة في أيلول/ سبتمبر الماضي معتبرة ذلك تجاوزا مستمرا من الهيئة، إلا أن الكاتب الإسلامي أبو لجين إبراهيم يقول في حديث لـوكالة الأنباء الألمانية: “قناعتي أن هناك استهداف لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو أمر ملاحظ بقوة في الصحافة، لاسيما تلك الصحافة التي تسيطر عليها الأقلام التغريبية. وهذا الاستهداف يأتي على خلفية الاختلاف الفكري والإيديولوجي مع مشروع تغريبي يريد أن يجد لنفسه موطئ قدم بكل قوة”.

وتعهد رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعد حادثة أيلول/ سبتمبر الماضي بمنع المطاردات بشكل كامل، وقال في حديث تلفزيوني إن خطابا ً صدر منه لأعضاء جهاز الهيئة بإيقاف المطاردات.

وتأتي أبرز المآخذ على جهاز الهيئة بأن له سلطة واسعة في تعريف ما هو المنكر الذي يحق لها ضبطه ومنعه وكذلك الصلاحيات الواسعة في الضبط وتنفيذ العقوبات والتشريع، حيث إنها الجهة المسؤولة عن تعريف المنكر وهي الجهة المسؤولة عن منعه.

ضبابية في تعريف ما هو المنكر

ويعلق المحامي عبد العزيز القاسم لـ DWعربية على تعريف المنكر وصلاحيات الهيئة: “لدى الهيئة تعريف للمنكر شديد الاتساع يندرج فيه ما لا يعتبر منكرا من الناحية الشرعية”. وهو ينتقد عدم نشر لائحة واضحة حول المنكرات في السعودية ويضيف: “عدم تحديد المنكرات أدى إلى مساحة واسعة من التعسف والغلو؛ فيستطيع رجل الهيئة ممارسة الضبط الإداري والجنائي بدون حدود تقريبا ما أدى إلى توتر العلاقة بينه وبين المجتمع”.

من ناحيته، يؤيد الكاتب الإسلامي أبو لجين إبراهيم ما أسماه تحسين وتجويد أداء الهيئة لتتجاوز الأخطاء الفردية، شرط أن لا يؤدي ذلك إلى إضعاف دورها.

وتمنع الهيئة تناول الخمور وتصنيعها محليا كما تطارد وتمنع أعمال السحر والشعوذة واختلاط الشباب والفتيات في الأماكن العامة والخاصة. وينتقد عبد العزيز القاسم مطاردة الأشخاص بالشبهة ويقول: ” في الشريعة قاعدة رئيسية تقول: الأصل هو حمل أحوال الناس على السلامة ويحظر التحري والتفتيش عن منكر ليس واضح الظهور”.

ولدى سؤاله عن إمكانية إلغاء الهيئة وتفويض صلاحياتها إلى جهاز الشرطة، يقول أبو لجين إبراهيم: “لكل مؤسسة من مؤسسات الدولة دورها ووظيفتها ولا يصح أن يكون هناك تداخل في الاختصاصات، فجهاز الشرطة له دوره الذي يقوم به وهو حفظ الأمن وكذا الهيئة لها أدوارها التي تقوم بها. ولا يعني وقوع خطأ من جهاز أو مؤسسة أن نلغي ذلك الجهاز، ولو فعلنا لما بقي في الدولة جهاز أو مؤسسة”.

بينما يقول عبد العزيز القاسم إن الحل يكمن في التنظيم القانوني والهيكلة السليمة للجاهز، لأن القانون الصادر سنة ١٩٨٠ يمنح الهيئة سلطات واسعة في التشريع والضبط وتنفيذ العقوبات.