بسّام الطيارة
حازم صاغية كاتب محترم يطل منذ سنوات على قرائه ومتابعيه بمقالات قيّمة، وهو إلى جانب ذلك مسؤول عن صفحة «تيارات» في صحيفة «الحياة» وهي صفحة يساهم بها كتاب قيمون وعديد من الأصدقاء. حازم صاغية هو أكثر من معلق فهو يصقل كلماته ويزينها بميزان دقيق لتكون كل كلمة في مكانها وتحمل معنىً سيميائياً لا جدال فيه، كما أنه من القلائل الذين يشددون على التشكيل في كتاباته وهي إشارة إلى عمل كاتب أصيل وباحث متمرس، في وقت ضاعت فيه الأصالة بين «كتبة الصحف والمواقع» وانتفى البحث بعد أن اقتحم «فيسبوك» فضاء «الكتبة» أو من يتصور نفسه كاتباً أو معلقاً لأنه «يفش خلقه» بصف بضع كلمات على المواقع الاجتماعية… كلمات يقرأها أصدقاؤه فقط في غالب الأحيان إلا إذا شطت مع لغة السب والشتيمة فيتجاوز حلقة الأصدقاء ليصل إلى بعض الحشريين.
ولكن هذه ليست حال الكاتب حازم صاغيه.
فهو كاتب يقرأه من لا يوافقه الرأي قبل قرائه ممن يوافقونه رأيه وتحليلاته. فهو من موقعه في معلم إعلامي كبير يعبر عن توجه عام وخط سياسي واضح، أضف إلى أنه كاتب له رأي متمرس بعجن الأفكار وطرحها للتداول ولفتح آفاق حوارات لتيارات متعددة بعضها يعارضه وبعضها الآخر يجاريه. من هنا العدد الكبير الذي «يلاحق» صفحته الخاصة على فيسبوك.
كل هذه النقاط التي جعلت منه «منارة أفكار» تجعل من هفوته الأخيرة هفوةً كبيرةً كبر إشعاع أفكاره.
في يوم عيد الميلاد كتب حازم صاغية تعليقاً يقفز عنوانه إلى خانة عدم اللياقة متجاوزاً خانة الاستفزاز. كتب حازم صاغية في إشارة إلى مقالة صدرت في صحيفة «الأخبار» اللبنانية ما يلي «أزفّ إليكم خبر ولادة حمار جديد لأسرة “الأخبار”».
لم أصدق عيني عندما وقع نظري على هذا العنوان الذي يربطه بمقالة لكاتب «يساري» وقع باسم «علاء المولى» مقالة دخل فيها في السجال حول «فيروز وزياد الرحباني والسيد نصرالله».
أعدت القراءة مرات ومرات وسألت نفسي هل هو حازم صاغية الذي التقيته بعض الأحيان في باريس؟ وتأكدت من أنه «هو حازم بنفسه» عندما رأيت «اللايكات» التي تجمعت من أصدقاء له أشاركه معرفتهم.
كيف يصف صاغية حامل قلم كتب مقالة أيا كان فحواها بالـ«حمار»؟ كيف يتحدث عن صحيفة أيا كانت علاقته معها بأنها «أولدت حماراً»؟ كيف يصف «موضوع الولادة بأنه حمار جديد»؟ هل يقصد بأن هذه الصحيفة لا تحوي سوى حمير؟ بمعنى آخر «أنا» وكل من كتب ويكتب في هذه الصحيفة «حمار»؟ حمير اختارهم «صديق حازم صاغية» المرحوم جوزف سماحة للعمل في هذه الصحيفة.
هل هذا هو مفهوم تباين الأراء ومقارعة الأفكار لدى حازم صاغية؟
في الواقع أود أن أكون مخطئاً وأن لا يكون حازم صاغية الذي نعرفه هو كاتب هذا التعليق. شخص مثل صاغية عليه أن يرفع من مستوى النقاش والجدل لا أن يفعل العكس.
هذا العنوان ليس استفزازياً بل هو «معيب»… معيب أن يخرج على يد حازم صاغية.