- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

الجيش السوري الحر: غطاء تركي أم قناع إخواني؟

(حصرياً بالاتفاق مع الفيغارو)

بعد ثماني أشهر من القمع الدموي الذي هدر دم ٤٠٠٠ ضحية، تقف الثورة السورية ضد نظام بشار الأسد اليوم على مفترق: فهي باتت أقل سلمية وأكثر عسكرية.
هيثم مناع، المسؤول في هيئة التنسيق الوطنية وهي إحدى مكونات المعارضة، يقول لنا «في حمص وفي عدد من المدن حول دمشق العاصمة وفي درعا في الجنوب الاشتباكات المسلحة قائمة».
ومن أولى نتائج هذا التحول تفاقم بشكل دراماتيكي لعدد القتلى في الأسابيع الأخيرة. فإلى جانب عمليات القمع التي يقوم بها رجالات النظام وأتباعه، وهي كثيفة، فإن الأعمال الانتقامية الدموية من قبل المعارضة زادت دموية وكان آخرها عملية إطلاق نار قرب حمص على باص ينقل طيارين (٧ قتلى). والقتال الطائفي يتسع ويزداد شراسة في المناطق المختلطة، حيث تتواجد بذور الحرب الأهلية المقلقة.
النتيجة الثانية: فإن المتطرفين تجاوزوا مسؤولي هيئة التنسيق ومنافسيهم في المجلس الوطني السوري، ليس فقط على أرض الثورة بل أيضاً في تركيا، حيث لجأ الجيش السوري الحر المؤلف من بضعة آلاف من المنشقين والذي بات يتبنى الهجمات بالصواريخ على الأبنية الرسمية لنظام الأسد ومنها مبنى الاستخبارات العسكرية.
وقد توجهت بعثة برئاسة برهان غليون للتشاور مع رياض الأسعد، الذي يقود الجيش المنشق. برهان غليون، مثله مثل هيئة التنسيق، يعارض الهجمات على الجيش السوري وذلك لسببين: الأول أنه يعجل بحرب أهلية يستفيد منها النظام لسحق الاحتجاجات، ولكن أيضاً لأن المجلس الوطني وهيئة التنسيق لا يريدان أن تتجاوزهما القوى التي تدعم العقيد رياض الأسعد وتحرك الخيوط من ورائه.
من هم هؤلاء؟ يجيب أحد أعضاء المجلس الوطني «بعض الأخوان المسلمين من خارج سوريا، منهم من تركيا وجميع الذين في الداخل السوري الذين لا يؤمنون بالتظاهر السلمي ويريدون المواجهة العسكرية مع النظام». ويعترف هذا بأن عدد هؤلاء بتزايد مضطرد. إن الإخوان المسلمين أعضاء في المجلس الوطني، إلا أن لهم أجندة مختلفة جداً عن «العلمانيين» الذين يشكلون أكثرية المعارضة السورية المنظمة.
في عودة إلى الوراء: منذ حزيران بدأت الانشقاقات في الجيش وسمحت بتأليف نواة حول العقيد حسين هرموش. ولكن هذا العسكري رفض أن يضع نفسه تحت إمرة الإخوان المسلمين الذين تقربوا منه. بعد بضعة أيام اختفى العقيد هرموش وتبين أن أجهزة الاستخبارات السورية قد اختطفته بمساعدة عشيرة مقربة من العلويين تسمى «أليفي» تعمل ضمن الأجهزة التركية.
ويشك عدد من المعارضين السوريين في أن تكون الأجهزة التركية هي التي سلمت العقيد هرموش إلى دمشق لتدفيعه ثمن رفض التعاون مع الإسلاميين. وبعد هذا الفشل استدارت الأجهزة التركية نحو العقيد الأسعد الذي يبدو أضعف وبالتالي من صعب عليه مقاومة الضغوط.
بالنسبة لعدد من من أعضاء المجلس الوطني «العقيد الأسعد اليوم ما هو سوى غطاء للسلطات التركية»، التي تحصره هو ورجاله في مقاطعة هاتاي القريبة من الحدود السورية. ويراقب جهاز الاستخبارات التركية «ميلي إستيبارات تسقيلاتي» تحركاته، بينما يجيب أحد المسؤولين في وزارة الخارجية التركية على طلبات الصحافيين الراغبين بلقاء زعيم الجيش الحر.
وحسب تقديرات الاستخبارات الفرنسية فإن الجيش السوري الحر قوامه حوالي الـ ٨٠٠٠ رجل إلا أنهم بصورة عامة غير مؤهلين للقتال وجاء معظمهم من إدارات الجيش، وفي الواقع فإن الغالبية الساحقة مؤلفة من مجندين لا خبرة لهم، رفضوا العودة إلى ثكناتهم بعد إجازة. ويعتمد الجيش االحر على بعض المليشيات المحلية في الشمال الذين انضموا إلى الثورة.
نشر المجلس الوطني السوري والجيش الحر السوري بعد لقائهما بياناً أشاروا فيه إلى توافق وجهات النظر بينهما، إلا أنه ليس مؤكداً أن تتوقف عمليات المنشقين ضد الجيش السوري التابع لبشار الأسد، وكما أشارت قبل يومين “نيويورك تايمز” فإن تبايناً واضحاً ظهر بين الفريقين.
في هذه الظروف نستطيع تلمس حاجة الجيش الحر للمساعدة والدعم الفني، وهو ما تقدمه له تركيا وبعض الدول الغربية الأخرى، تماماً كما حصل مع الثوار الليبيين ضد القذافي. إلا أن مخاطر نتائج انتقام النظام في دمشق يمكن أن تكون خطرة أكثر بكثير مما حصل مع «المهرج العقيد الليبي».
Georges Malbrunot