- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

لبنان لحظة إلتقطه الرادار

Najat 2013_2نجاة شرف الدين

على الرغم من التحاليل والمقالات العديدة التي كتبت في محاولة لقراءة ما حصل في لبنان مؤخراً على المستوى السياسي ، خاصة فيما يتعلق في ما بات يعرف بتشكيل الحكومة الجامعة ، وعلى الرغم من التفسيرات الكثيرة التي أعطيت لهذا الإنفراج بعدما كانت النوافذ بمعظمها مغلقة أمام أي حوار بين الجانبين المتصارعين لا سيما 8 و 14 آذار ، إلا أن أيا من هذه القراءات والتحاليل لم تعط جوابا شافيا للسؤال الأساسي الذي شغل الأوساط السياسية والإعلامية هل نضجت الظروف الإقليمية والدولية لإيجاد حل أو تسوية للصراع الدائر في لبنان ؟ وهل يمكن ذلك بمعزل عن الصراع في محيطه ؟
من الواضح أن العديد من القراءات حاول الربط بين حركة الإتصالات الجارية والتغييرات في المواقف لدى الطرفين  والحركة الجارية خارجيا وداخليا لا سيما بين الرياض وباريس وبيروت وطهران ، فالتراجع في موقف الثامن آذار باتجاه القبول بحكومة من 8-8-8 والقبول بالبحث بثابتة الشعب والجيش والمقاومة تحت عنوان أن اللغة العربية مطاطة وفيها مفردات وتفسيرات واسعة ، والتراجع من قبل الرابع عشر من آذار باتجاه القبول بمشاركة حزب الله من دون إعلان إنسحابه من سوريا ، يطرح التساؤل عن التوقيت في القبول بهذا التراجع وما إذا كان بتوصية من راعيي الطرفين أي المملكة العربية السعودية وإيران وبالتالي بموافقة الراعي الأكبر أيضا الولايات المتحدة الأميركية وروسيا .
هذه التطورات يضاف إليها زيارة وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف للبنان ضمن جولته التي تشمل أيضا سوريا والأردن والعراق ، وفي توقيتها اللافت والدقيق مع الإتصالات لتشكيل الحكومة وقبيل عقد مؤتمر جنيف 2 ، رأى فيها الكثيرون رسالة لمن منع توجيه الدعوة لإيران لحضور جنيف 2 بأن دور طهران أساسي في الحل السياسي والمثال على ذلك حاضر في لبنان ، وهو ما أكده الوزير ظريف من خلال كلامه الذي أعلنه بعد لقاءاته المسؤولين اللبنانيين ، بتشديده وتكراره أكثر من مرة على أهمية أن تقوم علاقات جيدة بين إيران والدول العربية وخصوصا المملكة العربية السعودية من أجل تركيز الإستقرار في المنطقة وحمايته ، وهو لفت الى ضرورة ان تتوقف  دورة العنف في سوريا وان يضع مؤتمر جنيف 2 اسس حلول سلمية، على ان يقرّر الشعب السوري بنفسه المستقبل السياسي لبلده، مشيراً الى ان ايران، سواء دعيت الى هذا المؤتمر او لم تُدعَ، فهي ستواصل مساعيها من اجل الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط الذي ينعكس ايجاباً على الوضع في لبنان .
هذه الرسائل الإيرانية إقليميا ودوليا قابلها في الجانب الآخر وبحسب المراقبين مرونة آتية من الدبلوماسية السعودية من خلال الدعوة الى التوافق لتشكيل الحكومة بعد أن كان الإتجاه ، وخاصة بعد زيارة الرئيس ميشال سليمان الأخيرة الى الرياض ولقاء العاهل السعودي ، وبحضور الرئيس سعد الحريري ، نحو حكومة الأمر الواقع ، يضاف اليها ما أعلنته الرياض بعد استقبالها للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند ، والذي إلتقى بدوره الرئيس الحريري ، عن مساعدة للجيش اللبناني بقيمة 3 مليارات دولار تعطى لفرنسا مباشرة . حركة الاتصالات هذه استكملها الحريري في باريس بلقاء وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والذي تم التأكيد من خلاله عن سيادة واستقلال لبنان .
كل هذه اللقاءات والإتصالات والتحضيرات الجارية والتي قلبت الأجواء من أفق مسدود سياسيا نتيجة الأجواء الأمنية التي سبقتها ولا سيما عملية إغتيال الوزير محمد شطح وانفجار حارة حريك ، الى أجواء إيجابية بعد تراجع الفريقين عن مطالبهما ، جعلت الكثيرين مشككين في هذا التغيير المفاجأ ، الذي سيؤدي في المرحلة الأولى الى حكومة جامعة ،  فهل ما جرى هو نتيجة تسوية سياسية على المستوى الدولي والإقليمي ويشمل كل الملفات الخلافية من الحكومة الى رئاسة الجمهورية الى دور الجيش والمقاومة وغيرها أم هي خطوة إبداء حسن النية يتبعها خطوات لاحقة ولكن كل شيء بوقته وبسعره ؟
في ظل الإهتمام  الدولي والإقليمي بما جرى ويجري في سوريا على أبواب عقد مؤتمر جنيف 2 ، وفي ظل الإهتمام أيضا بنتائج الإتفاق النووي المبدئي بين إيران والدول الست والمقرر بدء تنفيذه في العشرين من الجاري ، وفي ظل المعركة التي يخوضها العراق ضد القاعدة في الأنبار بدعم دولي  ، يبدو أن الرادار الدولي عاد مجددا ليلتقط إشارات من لبنان  على شاشته بعد أن غاب عنه لفترة دموية طويلة ، هي لحظة مهمة فهل ستدوم  وتبعده عن دور الساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية على أرضه ؟