- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

لبنان بالقطعة مش عـ…القَطعة…

Najat 2013_2نجاة شرف الدين
ينقسم اللبنانيون هذه الأيام في تحليل الأحداث الأخيرة ولا سيما التطورات السياسية فيما يتعلق بخطوة تشكيل الحكومة الجامعة برئاسة الرئيس المكلف تمام سلام . فالبعض يعتبر أن الكلام الذي أطلقه الرئيس سعد الحريري بعد اليوم الأول لجلسة المحكمة الدولية في لاهاي ، والتي تم خلالها قراءة القرار الإتهامي ، والذي أبدى فيه الحريري إستعداده للمشاركة في حكومة إئتلافية جديدة مع حزب الله باعتباره حزبا سياسيا مشيرا في الوقت عينه الى أن  “مبدأ المحاكمة هو أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته.. ونحن نعرف بأنهم افتراضياً هم الذين ارتكبوا هذا الجرائم”، في إشارة إلى الاتهام الذي وجهته المحكمة الدولية لعناصر من حزب الله بارتكاب جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري. وهو قال ردا على سؤال عما إذا كانت هناك خطوط حمراء “الخطوط الحمراء تمليها احتياجات البلاد ونحن نريد أن تستقر البلاد”.
هذا الكلام الذي شكل مفاجأة للعديد من الأطراف السياسية ، خصوصا في توقيته المتزامن مع إنعقاد جلسات المحكمة الدولية ، كما المتزامن مع موجة من التوتر على المستوى الأمني والسياسي ، مما جعل البعض يعتبر أن هذا الموقف ، والذي يحمل في الشكل تراجعا بعدم إشتراطه إنسحاب حزب الله من سوريا ، يؤسس لمرحلة جديدة في السياسة مبنية على إتفاق إقليمي ودولي ، بين السعودية وإيران كما بين أميركا وروسيا ، وبالتالي فالكلام الذي صدر عن الحريري جاء بضوء أخضر سعودي ، وذهب البعض الى إعتبار ذلك مقدمة للإتفاق على الإستحقاق الرئاسي وبالتالي فهو إتفاق شامل على الإستقرار في لبنان ، خاصة أن التراجع كان جاء من حزب الله ، قبل الحريري ، من خلال قبوله بتركيبة حكومية لا تشمل الثلث الضامن له والذي كان متمسكا فيها بصيغة 9-9-6 كما لا تضمن ثلاثيته الذهبية ” الشعب والجيش والمقاومة ” . هذا التحليل المتفائل والمبالغ بدرجة الإنفراج على مختلف المستويات تخالفه رؤية إعلامية وسياسية تشكك وتدعو الى التريث قبل الإفراط في موجة التفاؤل .
الرؤية المقابلة والتي عكستها بعض المقالات تتحدث عن مرحلة مواكبة لعقد مؤتمر جنيف إثنين السوري ، أي أن الملف اللبناني مرتبط بشكل مباشر بنتائج ومسار الحل السوري ، مع الحفاظ على الحد الأدنى من الإستقرار في لبنان ، وأن الإتفاق الإيراني السعودي لم يحصل بعد على الرغم من محاولة إيران وسعيها من أجل اللقاء من خلال تصريحات عديدة صدرت ولا سيما منها وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الذي أطلق رسائل ودية باتجاه المملكة ، إلا أن الجواب لم يأتِ بعد بانتظار  الخطوات  في جنيف ، وتجمع التحاليل على إعتبار أنه من المبكر الحديث عن حل شامل للمنطقة يشمل العراق وسوريا ولبنان ، وأن ما حصل في الأيام الماضية لا يعدو كونه توافق جرى بضغط وتحرك أميركي من أجل تشكيل الحكومة ، وكان لافتا مغادرة السفير الأميركي في لبنان ديفيد. هيل الى باريس للقاء الرئيس سعد الحريري ، كما كان لافتا دعوة سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة سوزان رايس بأن يشكل إعلان بعبدا سقفا سياسيا كما دعوتها الى النأي بالنفس عن ما يجري في سوريا . ومن هنا فإن هذه الحكومة المفترضة لا تضمن إنتخابات رئاسة الجمهورية ولا إتفاقا على النقاط المختلف عليها بالنسبة لسوريا والسلاح والمقاومة وغيرها بل هي كما كرر تسميتها أكثر من مرة  الرئيس الحريري في مقابلته مع المستقبل ” ربط نزاع ” مع إحتفاظ الطرفين بموقفهما .
أخيرا تم الإفراج وبعد تسعة أشهر عن قرار تشكيل الحكومة اللبنانية برئاسة الرئيس المكلف تمام سلام ، والتي يبدو أنها ستكون دفعة على الحساب اللبناني بانتظار التسوية الكبرى التي لم تأت بعد ، وحتى ذلك الوقت فإن الساحة اللبنانية سيتم التعاطي معها بالمفرق أو كما يقال ” بالقِطعة ” على أمل أن لا يتحول لبنان  عـ … القَطعة (بفتح القاف ) …