- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

ديكتاتورية اللحظة

في استطلاع للرأي أجري في الأردن في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر ٢٠١١، وقدّم الى ملتقى المدافعين عن حرية الاعلام في العالم العربي (من ٥ الى ٧ كانون الأول/ ديسمبر في عمان )، اظهرت النتائج ان ٦٧ ٪ من المستطلعين الذين يتابعون الثورات والاحتجاجات العربية يعتبرون ان بعض الفضائيات («الجزيرة» في الدرجة الاولى و«العربية» بدرجة اقل) تلعب دوراً محرضاً في الثورات العربية.

نتائج هذا الاستطلاع، الذي يتزامن مع انطلاق نقاش إعلامي حول دور الاعلام في تغطية الاحداث والتظاهرات التي شهدتها المدن العربية، يؤشر الى الإشكالية المطروحة حول طبيعة دور وسائل الاعلام كناقل للأحداث، ولاسيما من الميادين التي شهدت تظاهرات واحتجاجات وإمكانية تجاوز هذا الدور الى التحريض، لا بل مشاركة الإعلاميين ووسائل الاعلام في التحركات والدعوات الى التغيير في مصر وتونس وليبيا، للوقوف الى جانب الثوار وهو ما ساهم في عملية التغيير (كما حصل عبر اطلاق رجال الدين لفتاوى في التحرك في الشارع ودعوات سياسيين عبر الفضائيات للنزول الى الشوارع والتحرك).

النقاش يبدو انه لم يتجاوز مرحلة طرح الأسئلة نتيجة غياب الأجوبة المقنعة عن الأسباب التي دفعت الاعلام ليخوض هذه التجربة الى جانب الثوار. لقد تخطى العديد من الفضائيات العربية القواعد المهنية للاعلام من خلال النقل المباشر لساعات طويلة لما يحصل في الشوارع العربية والتقارير والتحقيقات وتكرار صور القتل التي يقوم بها النظام للتأثير في الرأي العام، حيث سيطرت هذه اللحظات على المشاهد في انتظار حدث آخر وربما ثورة أخرى كانت تنقله الى لحظة أخرى.

ديكتاتورية اللحظة الإعلامية تركت اثرها البالغ في تكوين وعي المشاهد. ولقد خاض الاعلام العربي تجربته بالتغطية كما خاضها الثوار من خلال التواجد على الارض محاولاً تكوين تجربة جديدة واستنباط قواعد مهنية جديدة قد نحتاج الى وقت لدراستها ومعرفة تأثيراتها في المشاهد. ومن هنا يبقى السؤال عن دور الاعلام في صناعة الثورات، فهل ما حصل فعلاً هو نقل للوقائع ام صناعة لها؟ وبالتالي اين يكمن دور الاعلامي في زمن الثورات وهل تحمل المؤسسات الإعلامية العربية أجندات سياسية تستطيع من خلالها ان تطيح بأي نظام عربي؟