- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

بيروت: رائحة الفساد والإهمال والوساطات

اعتصام الناعمة (تصوير سعادة سعادة – خاص)

زينب الأشقر – خاص

لبست “ست الدنيا” بيروت أثواب النفايات وكأنه لم ليكفِ هذه العاصمة رائحة الفساد والإهمال والوساطات، لتتهافت من أزقتها وشوارعها روائح النفايات المتكدسة على كل طرف.

في الأسبوعين الماضيين شهدت شوارع العاصمة بيروت “زنبقة البلدان” وجبل لبنان على جريمة حقيقية بحق كل لبناني، ولكن هذه المرة جريمة ذي رائحة كريهة من جراء النفايات التي كادت أن تبلع الشوارع في غضون ساعات.

هذا ما خلّفته حملة إقفال مطمر الناعمة – عين درافيل، احتجاجاً من الأهالي وبعض الجمعيات لتوقيف عمليات الطمر التي تتسبب بالأمراض والروائح لسكان هذه المناطق تبعاً لعدم شفافية عمل شركة سوكلين المتعهدة لجمع النفايات في البلاد بموجب عقد مع الدولة. خصوصاً ان الشركة لم تلتزم بالعقد لجهة اعادة تدوير النفايات قبل طمرها، بل تعاطت بإهمال وسوء استخدام لعمليات الفرز، ولم تعر البيئة أي اهتمام.

الاعتصام، الذي شاركت فيه جمعيات بيئية متعددة على رأسها “الحركة البيئية اللبنانية”، إلى جانب عدد من الأهالي من الناعمة وحارتها، ومن عين درافيل وعبيه ودقون وكفرمتى وصولاً الى عرمون التي تحد المطمر من الشمال، طالب الشركة بوقف نقل النفايات الى المطمر الواقع في عين درافيل والمتمدد نحو قرية بعورتا في الشحار الغربي من جبل لبنان، ذكّر الشركة والحكومة بأن العقد وصل الى نهايته وبأن الشروط الصحية والبيئية لم تعد متوفرة ولا تسمح بالقاء المزيد من القمامة في المكان، حيث تنتشر الأمراض وخصوصاً السرطان بفعل انبعاثات غاز الميثان وروائح المخلّفات. فكانت ردة فعل الشركة الغارقة في الفساد، التوقف عن جمع النفايات عبر الشاحنات وحصر مهامها في الكنس وتنظيف الطرقات، وبالتالي تحولت بيروت ومعظم المناطق الى ساحات لأكوام من النفايات وروائحها المضرّة بالصحة.

بعد مواجهات بين القوة الأمنية والمعتصمين، وساعات من الكر والفر بين مد وجزر والوعود من قبل السياسين الفاعلين، فُتح الطريق مجدداً أمام الشاحنات ولكن بشروط وضمن مهلة محددة ألا وهي الانتظار لتتشكل الحكومة وإعطاء مهلة 15 يوماً بعد تشكيلها لايجاد الحلول السريعة، من ضمنها الالتزام بوعود إقفال المطمر عن العمل بشكل نهائي في 17.12.2015 وحصر استخدامه لردم العوادم فقط، وتشكيل لجنة من الأخصائيّين البيئيّين وأهالي المنطقة لمراقبة عمليات الفرز.

اذاً “سوكلين” وحش الاستثمار كسبت الجولة الأولى، رغم انها لا تمتثل الى القوانين المرعية الإجراء حيال تطبيق الشروط البيئية في معالجة النفايات، وأكثر من ذلك تستخدم موظفيها من العاملين والمستخدمين من دون أي وقاية أو حماية صحية ولا تسمح لهم بأبسط حقوقهم بحرية العمل النقابي للتعبيرعن حاجاتهم التي كفلها الدستور إضافة الى استبدال ديمومة العمل بالعقد الوظيفي.

أما الأن فما على اللبنانيين سوى انتظار الولادة المعسّرة للحكومة التي يُرجى أن تكون قد أخذت درساً من العقود الحصرية والاستثمارات الوحشية والعمل على إيجاد حلول ومخارج عبر الجمعيات البيئية والمجتمع المدني وإنزال رقابة مالية وتقنية شديدة.