- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

عشية الجولة الثانية في جنيف ٢

Georges Malbruneau photoجورج مالبرونو

يتأهب المبعوث الدولي للأزمة السورية الأخضر الإبراهيمي لتسليم وفد النظام في دمشق وكذلك وفد المعارضة أجندة الدورات المقبلة للمفاوضات، والتي من المزمع أن تبدأ يوم الاثنين في العاشر من الشهر في جنيف. ولكن حتّى لا تبوء الجولة الثانية للمفاوضات بالفشل مثلما كان عليه الحال منذ أسبوع، لابدّ من توفر عدّة شروط.

أوّل هذه الشروط من دون أن تكون هي الأساسية، يشير محيط الإبراهيمي إلى أنّ وفد المعارضة يجب أن يكون “مقنعا وموثوقا فيه”، كما يستلزم من فريق المعارضة إدماج شخصيات أخرى وليس حصرها في تلك المتواجدة في الإئتلاف الوطني، أي الفوج الذّي يدعمه الغرب. ويلاحظ مختار لماني وهو ممثل الإبراهيمي في سوريا وكان حاضرا خلال الجلسات الأولى للمفاوضات أنّ الوفد المعارض للأسد لم يكن يمثل كل شخصيات الإئتلاف “حتّى أنّ أعضاء الإئتلاف هم واعون لهذا الأمر”. توسيع وفد الإئتلاف يستهدف أفواجاً أخرى من المعارضين مثل أعضاء التنسيق الوطني وكذلك قادة الفصائل المحاربة، وهم كانوا معترضين على مفاوضات جنيف، لكن دون دعم هؤلاء فإنّ كلّ محاولة التشاور على طاولة المفاوضات لن تجدي نفعا على أرض الواقع.

وحتّى وإن كان الهدف الأول من مفاوضات جنيف هو رحيل بشار الأسد وتنصيب جهاز حكومي انتقالي يتمتع بكامل السلطات إلاّ أنّ كلّ من المراقبين يدرك تماما أنّ المكتسبات الأولى التي يمكن الحصول عليها تتمثل في المساعدات الإنسانية وتبادل السجناء.

وسينعقد يوم الجمعة المقبل في ١٥ الشهر اجتماعاً في القاهرة بين أعضاء الإئتلاف ومسؤولي هيئة التنسيق بغية الوصول إلى فكرة ضمّ أعضاء آخرين. ولكي تنجح هذه العملية، على كلّ طرف أن يتنازل عن غروره وأن يكفّ بعض الداعمين الدوليين عن الاعتقاد أنّ أعضاء الإئتلاف يتمتعون بتمثيل واسع على أرض الواقع. وهذا لن يكون سهلا. ولكن الأمر الأصعب يكمن في إقناع الجماعات المسلحة ولاسيما السلفية باللّحاق بمفاوضات جنيف. وخلف الكواليس، نجد الولايات المتحدة الأمريكية تعمل جاهدة لذلك وكذلك الحلفاء الإقليميين لهذه المجموعات مثل قطر والمملكة العربية السعودية. إلاّ أنّ الإسلاميين لن يرضخوا لهذا إلا في حال التأكيد على استقلاليتهم عن الإتلاف، وخلاصة القول، لابدّ من إعادة صقل وتدعيم وفي أسرع وقت وفد المعارضة حتى يمكنها أن تتكلم باسم أولئك الذّين يناضلون لإطاحة النّظام.

“ودون تدخل روسي، فإنّ أعضاء وفد دمشق سيواصلون اتباع استراتجية الحصار”.

وحتى تصل الجولة الثانية من هذه المفاوضات إلى نتائج، يستلزم على الأمريكين والروس أن يشاركوا تماما في هذه المفاوضات، الأمر ينطبق كذلك على الحلفاء الروس الداعمين للأسد الذّي لم يكن حضورهم لافتا خلال الجولة الأولى من المفاوضات. إلاّ أنّه دون تدخل روسي، فإنّ أعضاء وفد دمشق سيواصلون اتباع استراتجية الحصار واقتراح حلول منتظمة أو تسويات محلية كما تقوم به السلطات السورية منذ أشهر في المجال الإنساني في بعض المناطق المحاصرة. وهذا ما يسمح لها بالتصريح أنّها ليست بحاجة إلى جنيف للنقاش مع معارضيها في الداخل.

وقبل جنيف، كان الروس سباقين في الميدان الإنساني في سوريا، وقد حان الوقت أن تتبع الأقوال بالأفعال، ولكن السؤال الذّي يتبادر إلى الذّهن هو هل موسكو مستعدة لكسر شوكة الأسد؟ لا شيء يدلّ على ذلك إن لم تتواجد بدائل مقنعة لسلطة الأسد. عوامل أخرى كذلك تبدو ضرورية لنجاح مسيرة مفاوضات جنيف: في مقدمتها إيران والسعودية اللتان تتحاربا في سوريا بالوكالة.

واشنطن وموسكو تدركان تماما أنّه لابدّ من توسيع قائمة البلدان المدعوة للمفاوضة من أجل إيجاد مخرج لهذه الحرب. لم يعد الوقت كاف ففي خلال أسبوع واحد من النقاشات مات ما يقارب 1900 شخصا في سوريا ومنذ نهاية الجولة الأولى من المفاوضات ضاعف الجيش هجوماته المروّعة بواسطة براميل متفجّرة خاصة في منطقة حلب.