- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

حكومة محلية أم دولية ؟

Najat 2013_2نجاة شرف الدين

لم تتوقف في بيروت حركة المهنئين داخليا وخارجيا لرئيس الحكومة تمام سلام ، على إنجاز تشكيلته الحكومية ولو جاءت بعد أحد عشر شهرا ، كما لم تتوقف التعليقات والتحليلات لقراءة توقيت وشكل الحكومة الجديدة في ضوء التنازلات المتبادلة التي حصلت من الأطراف السياسية ، وذهب البعض الى إعتبار أنها أولى مؤشرات التوافق في المنطقة وهي  سيتبعها خطوات في ظل الإستحقاقات التي تنتظر لبنان هذا العام .

دارة سلام التي غصت بالمهنئين ، شهدت أيضا وصول العديد من رسائل الدعم الخارجية لا سيما الولايات المتحدة التي سارعت الى الترحيب بتشكيل الحكومة الجديدة على لسان وزير خارجيتها جون كيري الذي وصف التأليف بـ “خطوة أولى مهمة لمعالجة الوضع السياسي المضطرب الذي أعاق لبنان في السنوات الأخيرة”، مضيفاً أن واشنطن أكدت أن الشعب اللبناني يستحق حكومة تستجيب لاحتياجاته وترعى مصالحه.ورأى كيري أن على الحكومة الجديدة أن تحل المسائل الملحة في مجال السياسة والأمن والاقتصاد وسط تزايد الإرهاب والعنف الطائفي الذي تشهده البلاد” . هذا الموقف تبعه تأكيد من السفير ديفيد هيل الذي حرص على أن يكون أول الواصلين الى السراي في أول يوم لدخول الرئيس سلام إليه ، وهو جدد تأكيد دعم لبنان داعيا الى تنفيذ إتفاق الطائف وإعلان بعبدا وتطبيق قراري مجلس الامن الدولي 1701 و1559 . الزيارة تبعها زيارة مماثلة للسفير البريطاني الذي أبدى دعم بلاده للبنان .
الدعم الدولي كان واضحا أيضا من خلال الموقف الذي عبر عنه الرئيس الفرنسي  فرنسوا هولاند الذي أكد الإلتزام الدائم لفرنسا بالوقوف الى جانب لبنان رحب بتشكيل الحكومة في لبنان ، داعياً المجتمع الدولي إلى “تقديم مساعدة إليها، وأن ذلك يأتي في سياق عمل المجموعة الدولية لدعم لبنان، والتي ستجتمع قريباً في باريس” . وكذلك فعلت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون التي أكدت التزام الاتحاد في تحقيق وحدة لبنان واستقلاله وسيادته .
بالطبع كانت هناك اتصالات عربية وغربية عديدة مهنئة ومرحبة بهذه النهاية لولادة الحكومة وعلى رأسها الجامعة العربية والسعودية كما عدد من الدول الأوروبية والتي عكست إرتياحا ولو جزئيا أو مرحليا ، كونها ترافقت مع موجة من الانتقادات والتشكيك في الشارع بسبب الإستحقاقات الكبيرة والفترة القصيرة من عمرها التي يفترض ألا تتجاوز الثلاثة أشهر في حال تمت الاستحقاقات في مواعيدها لا سيما رئاسة الجمهورية .
هذا الترحيب الدولي الواسع والاهتمام بإنجاز هذا الاستحقاق بقي موضع قراءة من قبل العديد من المراقبين الذين إعتبروا أن هناك قرارا بتحييد لبنان عما يجري في سوريا ومحاولة الحفاظ بقدر الإمكان على نوع من الاستقرار في انتظار جنيف السوري والإيراني على حد سواء . وفي المقابل هناك من يعتبر ان قرار تشكيل الحكومة جاء هذه المرة محليا ، نتيجة الخطر الذي شكله الإرهاب في لبنان وخوف كل الأطراف من الوصول الى الإنفجار الكبير الذي سيقضي على الجميع ولن يستثني أحدا ، فتم استغلال اللحظة الدولية والإقليمية،  غير المعارضة لهكذا خيار ، خاصة أن هذه الخطوة لا تعتبر تسوية شاملة ، ومن هنا اختلفت التسميات بين الأطراف اللبنانية ، فمنهم من إعتبرها حكومة ربط نزاع ومنهم من رأى فيها حكومة المصلحة الوطنية ، وقد جاءت بديلا عن الفراغ الذي سيكون له إنعكاسات سلبية على الواقع المتأزم .
ربما لن يكون في استطاعة هذه الحكومة أن توقف التفجيرات التي تهدد اللبنانيين ، وربما لن تستطيع ان تؤدي الى مصالحة بين الأطراف السياسيين ، إلا أنها تستطيع إدارة الأزمة في انتظار نتائج المفاوضات السورية والإيرانية في جنيف وتبعاتها على لبنان سواء  جاءت كلمة السر بتشكيلها  دوليا أم محليا…