أثارت صور مقاتلي المعارضة وافراد القوات الموالية للرئيس بشار الاسد يضحكون ويتصافحون بعد وقف محلي لاطلاق النار غضب طرفي الحرب السورية إذ أذهلهما هذا التعبير الجياش بالمشاعر عن حسن النية بعد ثلاث سنوات من القتال وإراقة الدماء.
والتقطت الصور خلال زيارة اعلامية نظمتها الحكومة السورية لضاحية ببيلا في دمشق وهي أحدث منطقة من سلسلة مناطق اتفق فيها على وقف اطلاق النار الذي يقول منتقدو المعارضة انه يصب في مصلحة الاسد.
وما زال القتال الضاري مستمرا في معظم أنحاء سوريا لكنه توقف في بعض المناطق التي تسيطر عليها المعارضة ويحيط أغلبها بدمشق بموجب اتفاقات محلية لوقف اطلاق النار وضعت حدا للحصار الذي تفرضه القوات الحكومية على تلك المناطق منذ ما يزيد على العام في بعض الحالات وأدى إلى تجويع السكان الى حد المرض والموت.
وقال ناشط محلي يدعى محمد عبر الانترنت من منطقة جوبر القريبة التي تسيطر عليها المعارضة ولم يتفق فيها بعد على اي شكل من اشكال وقف اطلاق النار “أحسست عندما نظرت الى هذه الصور أنني سأصاب بأزمة قلبية. كيف لهم أن ينسوا ان هذه القوات جوعت شعبنا لما يزيد على العام وقصفتنا بلا هوادة طوال أشهر.”
ويقول بعض مقاتلي المعارضة في ضواحي دمشق ان الصور مزيفة وان المسلحين الذين يظهرون فيها هم في واقع الامر افراد من الميليشيا الموالية للاسد وقد ارتدوا ثيابا تظهرهم في هيئة مقاتلي المعارضة. وقال اخرون ان الصور حقيقية.
وكان مصورون لرويترز ضمن الصحفيين في الجولة الاعلامية في ببيلا لكن لم يكن هناك سبيل للتأكد من هوية من يجري تصويرهم.
وسواء كانت المشاهد المصورة حقيقية أم مزيفة فالصور التي يظهر فيها مقاتلون من الجانبين يتبادلون الحديث في استرخاء تتباين بشدة مع الاجواء الغائمة في الجولة الثانية من محادثات “جنيف 2” الاسبوع الماضي والتي لم تحقق اي تقدم يذكر.
وسينظم مقاتلو المعارضة وقوات الاسد الان في مناطق وقف اطلاق النار حواجز تفتيش ودوريات مشتركة تحت اسم “لجان الدفاع المحلية”.
وكان وقف اطلاق النار المحلي هدفا لقوات الاسد كوسيلة لوقف القتال حول العاصمة. وأوقف الحصار والقصف شبه اليومي لمناطق سيطرة المعارضة تقدم مقاتليها وقطع عنهم خطوط الامداد لكن القوات الحكومية لم تتمكن من طردهم من تلك المناطق واستعادة السيطرة عليها.
وأبدى المعلقون من الجانبين غضبهم بوجه خاص من صورة ظهرت فيها امرأة من القوات شبه العسكرية الموالية للأسد والمعروفة باسم قوات الدفاع الشعبي تبتسم وهي تتحدث مع احد مقاتلي المعارضة. ووصف بعض مؤيدي المعارضة ومؤيدي الاسد المرأة في تعليقات على صفحات موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي على الانترنت بأنها “عاهرة”.
وقال تعليق في إحدى صفحات فيسبوك المؤيدة للأسد “ما الذي يحدث في هذا البلد؟ جندي يقبل إرهابية وفتيات من قوات الدفاع الشعبي يشاغلن ارهابيين بعيونهن. الدنيا انقلبت رأسا على عقب وطوى النسيان دماء اخوتنا وأبنائنا وشرف نسائنا.”
وقال متحدث محلي باسم مقاتلي المعارضة يدعى بارع عبد الرحمن من خلال خدمة سكايب من ضاحية دوما التي تسيطر عليها المعارضة ان الحكومة شكلت “لجان مصالحة” مستعينة بوجهاء محليين من ضواحي دمشق لعرض وقف اطلاق النار.
وأضاف أنه يتردد ان ضاحية حرستا المجاورة هي الهدف التالي للجان. وأضاف ان مقاتلي المعارضة احتجزوا مجموعة من ممثلي اللجان في حرستا هذا الاسبوع بعد ان التقوا مع بعض المدنيين في مسجد ليعرضوا عليهم وقف اطلاق النار دون حضور المقاتلين.
وتابع قائلا “طلبوا منهم اقناع مقاتلي المعارضة بالكف عن مهاجمة الطريق السريع وسيمكنهم عندئذ جلب الغذاء والدواء. وبصراحة الناس هنا أنهكوا وجاعوا ومن ثم بدأوا يضغطون على المقاتلين ويسألونهم ولم لا؟ هذه اللجان تؤلب الناس علينا.”
والاتفاق في كل بلدة هو نفسه في جميع البلدات بوجه عام. فهو يقتضي من المقاتلين رفع علم الحكومة مقابل رفع الحصار. وتسمح معظم الاتفاقات لمقاتلي المعارضة بالاستمرار في السيطرة على مناطقهم من الداخل اذا سلموا الاسلحة الثقيلة.
لكن حتى من يؤيدون وقف اطلاق النار المحلي يقولون ان مثل هذه الاتفاقات ليست علامة على ان المقاتلين المحليين في الميدان أوثق علاقة بالواقع المحلي من الدبلوماسيين الدائمي الترحال.
وقال نشط طلب عدم نشر اسمه “النظام هنا كل من توجيه الضربات بلا نهاية دون نتيجة. والناس تعبوا من الجوع. ومن الطبيعي ان تقبل بعض المناطق. لكن وسيلتهم لتحقيق هذه الاتفاقات كانت التجويع. هذا ليس فعليا نموذجا للمصالحة ايا كان ما تظهره الصور