- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

المرأة بوصفها عاراً

Moamar2014:Zمعمر عطوي
مسكينة هي المرأة الشرقية رغم كل ما قيل ويُقال حول حقوق تكرّست لها في القانون أو تحققت لها في الواقع. فرغم كل التطورات التي يعيشها العالم على الصُعد كافة، يبقى التمايز بين المرأة الغربية والمرأة الشرقية واضحاً وناتئاً. فبينما نالت الأولى حريتها وحقوقها كاملة على المستويات القانونية والاجتماعية والسياسية، لا تزال الأخرى رغم تقدّمها في العلم وتفوّقها على الرجل في الكثير من المجالات هي العار بعينه.

المرأة في الشرق لا تزال هي الشخص الأضعف، بحكم قوامة الرجل عليها والتي كرّسها التراث الديني، رغم أنها أصبحت تشارك الرجل في الإنفاق على المنزل والعائلة، أو انها في حالات كثيرة أصبحت هي المعيل الوحيد. وظل الرجل قوّاماً عليها متحكماً بها مصادراً لحريتها، مراقباً لكل كلمة تتفوه بها أو حركة تصدر عنها.
وإذ يتذرع الرجل بالدين و«قداسته» لفرض سيطرته على هذا «المخلوق الضعيف»، يناقض الذكر نفسه حين يخالف الآية التي تقول «الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم» بمعنى أن مشاركة المرأة في الإنفاق تحدّ من قوامة الرجل عليها، مع التحفظ على موضوع التفضيل الذي يناقض مبدأ المساواة.

ويبدو واضحاً أن هيمنة الرجل على المرأة واعتبارها دائماً مصدراً للعار، هي تقاليد قبلية بالية لا تتلائم أبداً مع الدولة المدنية العصرية وموقع الإنسان سواء كان ذكراً أو انثى في كنفها. ففرض الحجاب على المرأة وعدم فرضه على الرجل، قمة التمييز والهيمنة الذكورية، إذ لا يمكن القبول بأن شعر المرأة مغرٍ واستثناء شعر الرجل من لائحة الإغراء. أليس هناك رجالاً يشتهون الرجال من دون النساء ، وهل من ينكر ان هناك نساءً يشتهون النساء من دون الرجال. إذا كان الدين شاملاً كما يزعمون وأن تعاليمه عالجت كل شيء، فلماذا ينكرون وجود حالات مثلية مخالفة لطبيعة العلاقات بيت الرجل والمرأة فلا يسدّون الذرائع أمام هذه الحالات ويفرضون على المرأة التستر امام المرأة والرجل كذلك؟!
مع أن هذه الحالات موجودة منذ فجر التاريخ؛ ما قصة قوم لوط إلاّ دليلاً مؤكداً على ذلك. هذا الى جانب سبب آخر يجعل الحجاب هو اللباس المثير للاهتمام والشهوة أحياناً في حين يصبح السفور طبيعياً عرفاً.

المفارقة المُضحكة أن الرجل أضعف من المرأة وأكثر عُرضة للاستسلام لاغرائاتها، ومع ذلك يبقى خوف المجتمع على المرأة أكثر من خوفه على الرجل.
الرجل قد يقوم بعلاقات جنسية مع أي امرأة تغريه أو قد لا تغريه فيراودها عن نفسها أو قد يغتصبها. لكن المرأة -ومعظمهن كذلك- لا تمارس الجنس من دون شعور بالحب تجاه الرجل المعني بذلك. هي أقوى من الرجل لأنها قادرة على الاختيار وقادرة على فرض شروطها، بينما الذكر مهما علا شأنه وقويت عضلاته، تأتي إمرأة لعوبة قد تكون قبيحة، كبيرة وشمطاء فتوقعه في حبالها وتورطه في علاقة غرامية قد تستمر طويلاً.
مع ذلك تبقى المرأة عاراً بنظر الرجل الشرقي، تجلب الفضيحة ليست لنفسها فقط، بل للعائلة.
وإذا كانت مطلّقة أو أرملة ممنوع عليها أن تسكن لوحدها، ومحظور عليها السفر او التجول إلاّ برفقة أو بإذن من «ولي أمرها»، علماً بأن الذكر يقوم بما يريد من دون أي مانع.

وما الذي يختلف في طبيعة حياة المرأة المطلقة أو الارملة عن المرأة المتزوجة أو الفتاة العازبة، طالما أن الجميع عرضة للتحرش الجنسي من الرجال السيئين. لذلك المرأة ضحية مرتين: مرة ضحية للرجال «القوّامين عليها» زوج أو أب أو أخ أو حتى  جد وقد يكون إبن عم. ومرة ضحية لتحرشّات الرجال في الشارع والعمل والمدرسة والجامعة. علماً أن الرجل أيضاً عرضة لهذه التحرشات، وعرضة لإقامة علاقات عديدة في الوقت نفسه.

أما الطامة الكبرى فهي القاعدة الفقهية التي تقول بأن ميراث المرأة هو نصف ميراث الرجل «للذكر مثل حظ الأنثيين»، فأين يمكن صرف هذه القاعدة في زمن أصبحت فيه المرأة هي المعيل أو تشارك زوجها أو أهلها في الاعالة والانفاق: هل يبقى الحكم جامداً فتتعرض المرأة للظلم من الأهل المدعين حرصهم على عرضها وشرفها، والزوج الذي ألقى على كاهلها مسؤولية التربية والإنفاق معاً؟
فما بالك بتعدد الزوجات وتبرير الرجل لنفسه بالزواج الثاني والثالث بحجة تتعلق أحياناً بصحة المرأة، بينما على المرأة ان تصبر على عجز زوجها ومرضه حتى يموت أو حتى تموت هي. وفي كل الأحوال المرأة إما ميتة في الحياة بوصفها عاراً او ميتة في عالم آخر مهضومة الحقوق.