- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

٢٠١٣ كانت سنة «هادئة» في فلسطين

alain_gresh3ألآن غريش

على ما يبدو في فلسطين المحتلّة «لا يحدث شيئا على الإطلاق»، الجبهة تبدو ساكنة حتّى ولو أنّ البعض يشهر بحتمية انتفاضة ثالثة (اقرأ هآرتس الانتفاضة الثالثة)، وهو ما  تستبعده تماما الإدارة الفلسطينية. المفاوضات الإسرائلية الفلسطينية متواصلة في السّرية التّامة، كما أنّ وزير الخارجية الأمريكية جون كيري لا يبذل جهدا حقيقيا لتقريب الطّرفين، وهذا ما يفهم في اللّغة الديبلوماسية الأمريكية أنّها تريد دفع الفلسطينيين إلى مزيد من التنازلات.

بيد أنّ الاحتلال لا يزال متواصلا ومستمرا بصفة بشعة، فهاكم 400 مستوطنة هنا و800 أخرى هناك، إنّها “مستعمرة غير شرعية”، (كما لو أنه يوجد استعمار شرعي)، وهذه المستوطنات هي في مرحلة “الاعتراف” من قبل حكومة تل أبيب، هذا الوضع أدانه آلاف المرات الاتحاد الأوروبي وكذلك فرنسا، في الوقت نفسه نرى رئيسها (الفرنسي) لا يتردد في الظهور إلى جانب بنيامين نتنياهو خلال مأدبة عشاء وصفت بالخليعة حيث قال الرّئيس الفرنسي أنّه يودّ إنشاد الحبّ الذّي يكنّه لإسرائيل.

httpv://www.youtube.com/watch?v=y3DRjD8qoKA

لكن هذا لا شيء مقارنة مع المعيشة اليومية في فلسطين تحت قيود الاستعمار حيث رجال ونساء وأطفال يتعرضون يوميا إلى معاملات سيّئة، وتوقيفات وتعذيبات ويدوم هذا منذ قرابة خمسين سنة. نعم منذ أكثر من خمسين عاماً من العجز واللامبالاة وتواطؤ من قبل المجتمع الدّولي. في منطقة غزة، التّي لا زالت تخضع لحصار أدانه الجميع، الفلسطينيون لهم الحظّ على الأقلّ في عدم مجابهة الجيش الإسرائيلي (هذا الأخير يكتفي بين الفينة والأخرى ببعض التفجيرات والاغتيالات المعيّنة). للأسف فإنّ في الضّفة الغربية الأمر غير ذلك فالبيان الذّي أصدرته منظمة العفو الدّولية يسلّط الضّوء على احتلال غاشم. وهذا ما يلخصه البيان الفرنسي للمنظمة: “الجيش والشرطة الإسرائيلية تستعمل قوة مفرطة”:

“لقد أحصت منظمة العفو الدّولية مقتل 22 مدنيا فلسطينيا في الضّفة الغربية خلال عام 2013 من بينهم 14 سقطوا خلال مظاهرات. معظمهم كانوا شبانا لا تتعدى أعمارهم 25، من بينهم كان هتاك أربعة أطفال. وحسب الأرقام التّي قدّمتها منظمة الأمم المتحدة، يبدو أنّ عدد الفلسطينيين الذّين سقطوا قتلى على يدّ الجيش الإسرائيلي في الضّفة الغربية عام 2013 يفوق العدد الإجمالي للضّحايا المحصاة خلال عامي 2011 و2012”.

نعم، قوات الاحتلال قتلت عام 2013 الكثير من الفلسطينيين أغلبهم كانوا مدنيين وأحيانا أطفالا مقارنة بين 2011 و2012. وهو لا شكّ طريقة للحكومة الإسرائيلية لإظهار أهمية المفاوضات الثنائية التّي تبديها والتّي عادت إلى طاولتها خلال شهر تموز/يويو 2013، وكما تعلمون فالعرب لا يفهمون إلاّ لغة القوّة!

ويتابع البيان: “منذ شهر يناير 2011، فإنّ عدد المدنيين الفلسطينيين الذّين قتلوا في الضّفة الغربية يبدو مرعبا أكثر من 8500 مدنيا إلى جانب مقتل 1500 طفل، تمّ القضاء عليهم أو أصيبوا بجروح بالغة لاسيما برصاصات المطاط أو باستعمال الغاز المسيل للدّموع. وقد أصيب العديد من الضّحايا برصاصات في الظهر وهم يحاولون الهرب في حين أنّ هذه الضّحايا لم تكن لتسبب خطرا على حياة القوات الإسرائيلية أو غيرها. في العديد من الحالات كانت القوات الإسرائيلية مجهّزة أحسن تجهيز تواجه مدنيين ليس لديهم سلاح إلاّ حجارة يرشقونها، هدر دمّ الضحايا الفلسطينية التي سقطت على يدّ الجيش الإسرائيلي كان لا أساس له”.

لكنّ، ندرك جميعنا أنّ إسرائيل هي دولة ديمقراطية وأنّ عدالتها هي مستقلّة ولا بدّ أن تقوم بمعاقبة الجنود المدانين في هذه العمليات.

هذا ليس صحيح، يقول فيليب لوثر، مدير برنامج الشّرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفوّ الدّولية: “في النّظام الإسرائيلي هناك فجوات غير مؤاتية، فهو ينقصه الاستقلالية، والنّزاهة والشّفافية. على السّلطات القيام في أسرع وقت بتحقيقات عميقة ومستقلة بخصوص جميع الحالات التّي تمّ اللّجوء إليها عن طريق وسائل متعسفة ومغتصبة لاسيما عندما يكون هناك موتى وجرحى”.

ويمدّ تقرير منظمة العفوّ الدّولية بأمثلة مرعبة وبشعة والتّي رغم ذلك لا تثير إلاّ انطباعات طقوسية أو الصّمت والسّكوت. وهو الحال مع مراهق فلسطيني. ففي إسرائيل يتمّ بالفعل قتل المراهقين.

“سمير عواد البالغ من 16 سنة والمنحدر من منطقة بدرس قرب مدينة رام الله، تمّ قتله قرب مدرسته خلال شهر يناير 2013، حيم حاول مع بعض الرّفاق القيام بمظاهرات ضدّ جدار أو حاجز تمّ وضعه على بعد 800 كلم من قريتهم. لقد أصيب بثلاث رصاصات تلقاها في قفاه وفي رجله وكتفه عندما حاول الفرار من قبضة الجنود الإسرائليين الذّين جهزوا كمينا له ولرفاقه. وحسب شهود عيان فإنّ المراهق تمّ تصويبه عندما حاول الفرار. مليك مرار البالغ من العمر 16 سنة وهو رفيق سمير وكان شاهدا على ذلك الاغتيال قال لمنظمة العفو الدّولية: “لقد أطلقوا عليه الرّصاص أوّلا في رجله، لكنّه استطاع الهروب. إلى أيّ مدى يستطيع مراهق مجروح الجري؟ كانوا بإمكانهم توقيفه… لكنّه اختاروا إطلاق النّار عليه برصاصات حقيقية في ظهره”.

وحسب منظمة العفو الدّولية، يمكن أن يعتبر هذا الأمر جريمة حرب. “من الصعب التّصديق كون مراهق أعزل يمثّل خطرا على جنديّ مسلّح، في كلّ الأحوال يبدو أنّ القوات الإسرائيلية أطلقت النّار بتهوّر أمام تهديد ضعيف”، حسب قول فيليب لوثر.

ومع هذا فإنّ جميع المراهقين والرّجال يشكّلون تهديدا بالنّسبة للجيش الإسرائيلي. ما قيمة حياتهم إذن؟ نعرف تماما جواب الحكومة الإسرائيلية بشأن هذا التقرير: إنّه نصّ معاد للسّامية بحيث يتهمّ “اليهود” بقتل الأطفال. بيد أنّ أولئك الذّين يصفون إسرائيل بـ”الدّولة اليهودية” أو يتكلمون عن “الجيش اليهودي” هم الذّين يحفّزون هذا الخلط المبهم وينمون مشاعر معادية للسّامية، عاجزين التّفريق بين اليهودي والإسرائيلي.