- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

الحرب الإعلامية البذيئة بين روسيا وأوكرانيا

Harold BFM TVهارولد هيمان

كانت الحرب الباردة  فترة جدّ ملائمة لحرب إعلامية دائمة بين قطبين اثنين آنذاك: بين الولايات المتحدة الأمريكية والإتحاد السوفييتي سابقًا. للأسف، يبدو أنّ الأمور تعيد نفسها بنفسها وتتكرر من جديد، ويبدو أنّ الجانب الرّوسي يخوض كثيرًا الحرب الإعلامية.

قناة “روسيا اليوم” هي قناة روسية عمومية وهي تجسّد حقيقة هذه الحملة الإعلامية ولو أنّ القناة لها طابع أمريكي للتّمكن من الوصول إلى أكثر المشاهدين المتحدّثين باللّغة الإنجليزية، هذه القناة هي المستهدفة الأولى في أيّ محاولة للتأثير.

صحيح أنّ بعض قنوات الإعلام الخارجي العمومي عادة ما تحاول خفض لهجة قسوة سياستها الخارجية لأوطانها الأمّ. لكن هناك حدود ودرجات في التّعامل مع الحدث. هناك أيضًا أولويات، ومقاصد، ودعايات وأيضًا وخاصةً وحتّى لا ننسى التّضليل في المعلومات والأخبار.

الأعمال الإرهابية للقاعدة وكذا اجتياح أمريكا للعراق فتحت المجال للعديد من الانتقادات اللاّذعة تجاه السّلطة الفيديرالية الأمريكية، ومع ذلك فإنّه وحتّى في أقسى فترات أعوام 2002-2005 لم يكن للصحافيين أن يتقاذفوا فيما بينهم بالكذب في جلب الأخبار واستقصاء الأحداث.  صحيح الكثير منّا ندّد مثلاً إيديولوجية وخطّ تحرير “فوكس نيوز” في المقابل فإنّ “فوكس نيوز” كانت من خلال برامجها العديدة ذات الوجهة اليمينية تصف السّياسة الخارجية الفرنسية بالسّياسة المتشائمة والجبانة. ومع هذا لم نكن لنصفها كوسيلة إعلامية تضليلية أو كونها عميلة حكومية، ربّما كانت متعصّبة غير أنّ هذا يعود لاشكّ في إيديولوجيتها المتّبعة.

غير أنّ قناة “روسيا اليوم”، المتطابقة تمامًا مع الديبلوماسية الروسية، نجدها تتعامل مع الصحف الغربية بمثابة عميل حكومي في قلب حرب إعلامية. فمنذ ثلاثة أيام وهي تقوم بدعاية صاخبة ومثيرة بخصوص “الغياب الكبير للإعلام الغربي”. الحقيقة، الأمر يبدو مضحكًا، فهاكم مثلاً وزير الخارجية الإستوني أورماس باييت، تقول قناة “روسيا اليوم” أنّه انتقل يوم 26 شباط/فبراير الفارط إلى ميدن بكييف, اتصل بعدها بكاثرين آشتون، مديرة المصلحة الأوروبية للنشاطات الخارجية (أيّ وزيرة الأعمال الخارجية للإتحاد الأوروبي) ليخبرها أنّ أناس منطقة ميدن أخبروه بوجود قنّاصين تمّ إرسالهم من قبل سياسي معارض عالي المستوى وطلب منهم إطلاق النّار على الشّرطة والمتظاهرين بعدما تقاضوا منه مبالغ لتأدية مهامهم هذه. آشتون كانت مضطربة، باييت كان كذلك مضطربًا. لقد تمّ تسجيل محادثاتهما رغمًا عنهما ووضعها على موقع يوتوب. بالنسبة لقناة “روسيا اليوم” فإنّ انتقاء جمل من التّسجيل كان أمرًا لا يمكن تجاهله أو مقاومته فالوزير يعتبر أنّ المعارضة هي التّي جنّدت هؤلاء القنّاصين ويبدو أنّ قناة “روسيا اليوم” لا يهمّها إن كان الوزير قد تعرّف على موقعه الرّسمي على إن ما كانت المحادثة المسجّلة هي الأصلية بل أنّ ما كان يخبر آشتون بخصوص آراء أناس ميدن لم يكن لديه حتّى نسخة منه.

للأسف، ففي صميم الموضوع فإنّ كلّ هذه التضليلات هي طفولية، فقناة “روسيا اليوم” تقوم بروبورتجات كيفما كانت: مثل مصير المسيحيين السوريين أمام قوى المعارضة ضدّ الأسد، مصير مضادي ميدن في أكرانيا، الكريميين التابعين للرّوس، القصص البوليسية المضادة للمسيرات الأكرانية والتّي تبلغنا كيف واجه بعضهم وطنييو ميدن دون اللّجوء إلى استعمال السّلاح. بيد أنّ كلّ هذا الصّخب الإعلامي حول التّجاهل الإعلامي الغربي وتضليلاتنا الإعلامية فإنّ قناة “روسيا اليوم” قد أقرفتنا تمامًا من محاولاتها المتعدّدة والمتكرّرة لإذلالنا لمستواهم. وفي الحقيقة، فإنّ الأمر يعتبر مضيعة وقت فكرية ويا لها من مضيعة وقت للصّحافة.

Harold Hyman