بسّام الطيارة
دخلت الثورة السورية، التي تحولت إلى حرب أهلية، عامها الرابع حاملة معها أرقام الموت الرهيبة: ما يزيد عن ١٥٠ ألف قتيل و٣ ملايين لاجئ و٥ ملايين نازح داخل البلاد. مع ذلك جاءنا خبر «استعداد المعارضة لبيع الجولان من إسرائيل». وكأنه لا يكفي أن المعارضة تشهد تراجعاً على كافة الجبهات العسكرية والسياسية وكذلك جبهة التماسك الداخلي لمكوناتها، فقد تنطح عضو الهيئة السياسية في الائتلاف الوطني السوري المعارض كمال اللبواني لـ«عرض بيع الجولان» وكأنه يقول للنظام السوري خذ هذا السوط واجلد به المعارضة.
أن ننتقد عرض بيع الجولان لا يعني بأي حال تأييد نظام بشار الأسد، ولكنه يعني قبل أي شيء أنه يوجد في هذه المعارضة بعض الأطراف التي إما أنها جاهلة لأبسط مبادئ السياسة العربية رغم طموحها للوصول إلى السلطة في إحدى كبريات الدول العربية، أو أنها تريد تخريب آخر ما لدى المعارضة من أرضية وطنية وتهريب القسم المتبقي من مؤيديها ليتقاسمهم النظام وداعش والنصرة.
هل يعتقد كمال اللبواني أن مجرد القيام بثورة كبرى بدأت بمطالب محقة لديها صدى شعبي لا بأس به ويؤيدها الرأي العام الغربي وقسم لا بأس به من الرأي العام العربي، يكفي للحاق بمن يدير شؤونها بالخارج أياً كانت مواقفه وأي كانت خطواته؟ ألا يذكر اللبواني الضرر الذي سببه تصريح رئيس المجلس الوطني السابق برهان غليون حول حصار حزب الله وقطع طرق امداداته؟ ضرر مازالت تداعياته قائمة حتى اليوم رغم التكذيب الذي صدر عن قائله.
هذا من حيث المبدأ.
أما من حيث التفاصيل ففي عرض اللبواني «صبيانية وخفة» لا يمكن أن تصدر عن مراهق سياسي: في قوله إن «الثوار على استعداد لبيع مرتفعات الجولان إلى إسرائيل في مقابل الحصول على مساعدات عسكرية لاستخدامها ضد جيش الرئيس السوري بشار الأسد» مبرراً ذلك بأنه «أفضل من فقدان الجولان وسوريا معا». مقابل ماذا سيقدم الجولان؟ يريد اللبواني «استخدام أنظمة الدفاع الجوي الإسرائيلي وصواريخ “باتريوت أرض – جو” من أجل فرض منطقة حظر جوي في الأجزاء الجنوبية لسوريا». هي طريقة ملتوية للقول يريد مساعدة إسرائيل في حربه مع النظام.
يعطي اللبواني قسم من بلاده التي يريد تحريرها قبل انتصار الثورة… لمن؟ لإسرائيل. أياً كانت مواقف المواطنين السوريين من النظام وتعلقها بالثورة، هل تعتقد المعارضة السورية أن دعوة مثل هذه ستلاقي تأييداً لدى المواطنين؟ ألا تتسائل المعارضة لماذا جفّ تيار المنشقين عن الجيش النظامي؟ ألا تتسائل لماذا قسم كبير من المواطنين العرب لا زال متردداً في دعم الثورة مئة في المئة ليس فقط بسبب التنافر القائم بين أركان هذه امعارضة ولكن أيضاً بسبب تصريحات غير مسؤولة (أخف بكثير من تصريح اللبواني).
ستبين الأيام كم ستكون التكلفة غالية جراء هذ التصريح الذي يدور على المواقع والذي لا يستجلب إلا زيادة نفور من المعارضة وانتقال إما إلى جنب النظام أو إلى خاصرة «داعش».
