- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

” البوتينية أم الأوبامية ؟”

Najat 2013_2نجاة شرف الدين

مع احتدام الأزمة في أوكرانيا والتصويت في الاستفتاء في القرم لصالح الإنضمام الى روسيا ، عادت الى الواجهة التعليقات والتحاليل في الولايات المتحدة الأميركية ولا سيما من الجمهوريين والمحافظين ، باتجاه الحديث عن ضعف الرئيس الأميركي باراك أوباما بتعاطيه في السياسة الخارجية ، وعلت التصريحات المنتقدة لأدائه في ملف روسيا أوكرانيا ، كما للهجته غير التهديدية ، على الرغم من إستقباله رئيس الوزراء الأوكراني الجديد المدعوم من أميركا وأوروبا في البيت الأبيض .
في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز في 14 آذار الحالي ، سارع السيناتور الأميركي جون ماكين الى استغلال الفرصة لتجديد إنتقاداته الى سياسة أوباما الخارجية وكتب تحت عنوان ” أوباما جعل أميركا تبدو ضعيفة ” يقول أن أسلوب الضعف الذي مارسه أوباما في سياساته جعل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي وصفه ” بالإمبريالي الروسي وزعيم آل كي.جي.بي ” يمارس سياسة استفزازية، مطالبا أوباما بممارسة سياسة قوية وبفرض عقوبات عليها وعزلها دوليا ومقاطعة اجتماعات مجموعة الثمانية في سوتشي . ماكين الذي كان قام بزيارة سريعة الى أوكرانيا على رأس وفد أميركي ، لم يكتف بمقاله ، وظهر على شاشات التلفزة الأميركية مطالبا بإعادة تقييم للعلاقات مع الرئيس بوتين داعيا أوباما الى إتخاذ خطوات حازمة مع بوتين وفي المقابل تقديم المساعدات الى أوكرانيا .
هذه الحملة التي تحاول الضغط على الرئيس الأميركي ، قابلها في الصحيفة نفسها مقال للكاتب توماس فريدمان شرح فيه ثلاثة وجوه لأوباما ، كما يصفه محبوه ومنافسوه ، الأول شخصية ” بوليانا” المتفائلة دائماً التي ترى الطيبة في الآخرين ، والثاني شخصية جون واين الشهيرة بإطلاق النار السريع وهو ما فعله عبر العديد من العمليات السرية وبطائرات من دون طيار تنطلق من مواقع سرية لتنفيذ عمليات عسكرية تؤدي أحيانا كثيرة الى مقتل الأبرياء ، والثالث شخصية وزير الخارجية الأسبق هنري كيسنجر المعروف بسياسته الواقعية وهو يعرف  ماذا يريد وكيف ينفذ مهماته من دون ضجيج . فريدمان الذي يعتبر أن أوباما فيه شيء من واين وشيء آخر من كيسنجر ، يرى أن الإختبار الأساس سيكون في كيفية التعاطي من الخلف مع مسألة أوكرانيا ، كما التعاطي من الأمام مع روسيا ما بعد القرم  وإيران بمنعها من إمتلاك السلاح النووي  والصين بمنع وقوع الحرب بينها وبين اليابان .
فريدمان الذي ختم مقاله بالدعوة الى إصلاح الديمقراطية في البيت الأميركي الداخلي ،كي لا تصبح مشكلة عالمية ، رأى أن بوتين  يبحث اليوم عن كرامة روسيا في الأماكن والأساليب الخاطئة ، لكن فقط الشعب الروسي يستطيع تبديل ” البوتينية” .
في هذا الوقت ، أنهى بوتين الإستفتاء على إنضمام القرم لروسيا ووقع مرسوماً يعترف رسمياً بالقرم دولة مستقلة، بحسب بيان للكرملين ،وواصل خطواته التنفيذية بحربه المفتوحة على أوكرانيا. في المقابل إعتبر أوباما الإستفتاء غير قانوني وفرض عقوبات على أحد عشر روسياً وأوكرانياً بتهمة مساعدة روسيا على السيطرة عسكرياً على شبه جزيرة القرم الأوكرانية،ويجمد أمر أوباما أي أصول في الولايات المتحدة، كما يحظر سفر 11 شخصاً “يتحملون مسؤولية التحرك الروسي في القرم”.كما شملت العقوبات الرئيس الأوكراني المخلوع فيكتور يانوكوفيتش وفلاديسلوف سوركوف وسيرغي جلازييف وهما مساعدان لبوتين.
هذه الخطوات الأميركية التي أتبعها أوباما بتهديدات بعقوبات إضافية في حال واصلت روسيا التدخل في أوكرانيا عاد ليترك الباب مفتوحا فيها للدبلوماسية عندما قال  “الحل الديبلوماسي في كييف لا يزال قائماً”.

خاض بوتين حربه التوسعية  بنجاح في القرم تمهيدا لحلمه بتحقيق روسيا الكبرى وأدى ذلك الى إرتفاع شعبيته الداخلية في روسيا ، وهو يبدو غير عابىء بالإعتراضات والتهديدات الغربية بالعقوبات معتمدا على أوراق قوته في الحاجة الأوروبية للطاقة الروسية ،وسجلت البوتينية نقطة لصالحها في جولتها الأولى ،  فهل ستقرع طبول الحرب الباردة  على أجزاء أخرى من أوكرانيا أم ستعود الى الدبلوماسية على الطريقة الأوبامية ؟