تاتسودا غاوا (اليابان) – بسّام الطيارة
بعد العمل وتناول وجبة غداء في مطعم عرفته إبان إقامتي في المنطقة. دعاني صديقي 
للتوجه إلى منطقة «تاتسوداغاوا» لمشاهدة زهور شجر الكرز.
بالطبع كل سكان المعمورة (من حيث المبدأ) يظهرون سعادة أمام زهرة متفتحة أو حقل زهور، ولكن «مشاهدة الزهور» (ويشار لها بـ«هَنَمي») هو أمر شبه مقدس لدى جميع اليابانيين أياً كانت أعمارهم وأياً كانت طبقتهم الاجتماعية.
في مطلع الربيع تتفتح براعم زهور شجرات الكرز وتكتسي الغابات والساحات والحدائق بحلة بيضاء مدهشة تبهر الأنظار. يجلس اليابانيون تحت شجر الكرز أو يتنزهون أفراداً أو جماعات وهم يتأملون أزهارها، وهي لحظات مهمة جداً في حياة الإنسان الياباني. فهذه الزهور التي لا تدوم على الشجرة أكثر من أيام قليلة تسقط بعدها وتتبعثر ليذهب الغطاء الأبيض بانتظار السنة المقبلة.
يرى اليابانيون تحولاً من الجمال إلى العدم الذي لا يدوم إلا أيام قليلة «محاكاة 
لحياة الإنسان»: لا ثبات ولا ديمومة. وقد تكوّن نمط هذا التفكير بسبب ظروف نشأة اليابان فهي غالبًا ما تعاني من الكوارث الطبيعية الخطيرة مثل الأعاصير والانفجارات البركانية والزلازل (ما زالت أثار تسونامي فوكوشيما حاضرة في الأذهان وقبله زلزال طوكيو عام ١٩٢٣ الذي أودى بحياة ١٤٠ ألف نسمة). فحياة الفرد الياباني كانت دائماً على كف أهواء الطبيعة وتقلباتها. هذه الأزهار وجمالها هي درس في الحياة ودعوة للتواضع كالأزهار التي لا ينفعها جمالها فهي دائما تؤول إلى زوال سريع.
مجموعة الصور هذه تتكلم عن اندفاع الياباني صغيراً كان أم كبيراً لمشاهدة الزهور، التي تتابعها الصحف يومياً وتنشر مناطق تفتحها.