لو كان للأعوام جهة تشريعية، لذهبت اليها مطالباً بتمديد العام 2011 الى 2015.
لا. لن اكتفي بالتمديد فقط، سأطالب بـ”خلع العداد” لـ 2011، حتى يُكمل مهامه النبيلة في خلع ما تبقى من أضراس مُسوّسة، تشوه الشعوب، ولن أخجل أبدا في دعوته الى توريث نجله.
ليفعل هذا العام ما يحلو له. يُعيّن أيامه واسابيعه وشهوره، ويسلمها مقاليد السنة كاملة، لا يهم، الاهم أن يبقى ويمدد الى ما لا نهاية.
العام الذي رحّل أعتى الطغاة والانظمة المستبدة في الوطن العربي، لا يستحق أن يرحل.
العام الذي أنعش قلوب شعوب مقهورة، وأحياء الحرية وهي رميم، يستحق أن يُعمّر.
وإذا أصر على الرحيل، تكريسا لمبدأ الانتقال السلمي للسنوات، فهو جدير بحفل وداع يليق به. حفل لا يحضره “بابا نويل”، ولا “بابا علي”، بل صور آباء الحرية، من أشقاء ” بوعزيزي”.
العام، الذي أعاد الاعتبار للشعوب، يستحق احتفائية مغايره. أولمبياد ربيع عربي ضخم. تنطلق شعلة الحرية من تونس، وتمر في مصر، ليبيا، اليمن، سوريا، والبحرين.
تمر شعلة الحرية من كل عواصم الثورة، تجتاح المدن العربية، وتطارد عفاريت وأشباح الأنظمة البائدة، دار دار، وحارة حارة. من “سيدي بوزيد”، الى “الاسكندرية وميدان التحرير”، الى “بنغازي وسرت”، الى “تعز وصنعاء”، الى “حمص وحماة ودرعا والقامشلي”، لتكون محطتها الأخيرة “دوّار اللؤلؤة” في المنامة.
يا الله ما أروع هذه اللوحة الثورية، حتى وان لم تتحقق سوى في مخيلتي الطموحة بشكل زائد عن حده.
انا ممتن لـ2011، ومثلي ملايين الشعوب العربية التي بدأت تتنفس حرية، ولا غرابة، ان بالغت في وصف مشاعر الحزن على رحيله، وتفكيري بوداع مغاير تقديرا لجهوده في خدمة الانسانية.
2011، عام لن يموت من ذاكرة الناس، ولن تتجرأ كتب التاريخ على تدوين رحيله، بأنه قضى معظم أشهره في خدمة الزعماء الطغاة، كما تفعل مع أسلافه.
2011، عام خلّد نفسه في الأرض السابعة لقلوب الناس. نقش أسمه في كافة الساحات والميادين، نافس ناطحات السحاب الغربية، بخيام صغيرة، قاومت على مدار شهور، ضربات البرد والشمس، وجنون الرياح.
العام الذي مرّغ أنوف الديكتاتوريين واللصوص في أرصفة الشوارع، باقٍ. سيواصل مهمة حراسة الحرية.
كانت الشعوب تائهة منذ عقود، و فجأة وجدت نفسها. عادت الى موقعها الذي ظلت منه، من دون ان تذيع الأنظمة نداء استغاثة “من يعرف هذا”.
هذا العام هو مقبرة الطغاة الكبرى. من لم يسقط ويهرب ويُقتل، بات مهزوما من الداخل بـ”مليونية نظيفة”. الفوز ساحق، ولا يمكن لأي نظام، حتى وان بقى بعض من أركانه في الحكم، أن يعوض الفارق، او يفكر في أن الأمس، سيظهر غدا.
هذا العام، أسقط كل شيء: الأنظمة، الأقنعة، “العنترة”، الفرعنه، خلع الحكم الفردي من تربته العفنة :تونس ،مصر واليمن وليبيا، وسوريا.
أظهر عاهات، وجبناء.غربل معادن الناس، وكشف لنا كم كنا مخدوعين بقامات، تقزمت، ونخب سقطت بشكل مؤلم، وداسها الناس من حياتهم الى ما لا نهاية.
جعلنا نرثي لحال بعض تحولوا الى مهلوسين. يبررون للقاتل جرائمه بطريقة مقيئة. ونرفع أشخاصا كنا مجحفين بحقهم فوق الرؤوس.
2011، العام الذي شهد أعظم بطولة عربية على كأس الحرية. تجرع الحكام من شعوب أذل الهزائم. الشعوب التي عملوا على تجهيلها، أظهرت مهارات خارقة في مراوغة أسلحة الطغاة، وأبهرت العالم.
2011، مدرسة تغيير. إصلاحية لإعادة تأهيل الحكام المعتوهين. أكاديمية منحت شهادات جديدة لشعوب عظيمة، فاجأتنا بما تملك من عزيمة وإرادة وكفاح.
يا حبيبي يا 2011. انت عام مذهل ولا تستحق الرحيل.
أفكر في نصيحتك بأن لا تُسلم رأس السنة لخلف لا نعرف ماذا سيحمل لنا من أحقاد، أو مفاجآت.
أنت بالذات، مسموح لك بأن تقمع العام القادم، وتستخدم القوة المفرطة. إشعلها حرب أهلية، وثق جيدا أن قبائل “فبراير ومارس، وابريل، سيخرجون للدفاع عن شرعيتك، وسيهتفون “إحنا لها”.