- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

فلسطيني… لا أعرف من أنا!

رام الله ــ فادي هاني

منذ أن أصدرت السلطة الفلسطينية “جواز السفر” الفلسطيني بعد توقيع اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، حتى أخذت بعض السلبيات تطفو على السطح، ورغم أنها قد تبدو شكلية، إلا أن غالبيتها يصب في جوهر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حول الهوية، وحق الفلسطيني في أرضه المسروقة، ووطن محتل نخر جسده الاستيطان.
الحكاية تبدأ في أي مطار قد يصل إليه الفلسطيني، عند مغادرة بلده. فغالباً، ورغم حصولنا على “فيزا” للدولة المنوي زيارتها، إلا أن سلطات المطار تظهر لك بوضوح، بأن لا علم لها بهذا “الجواز”، ولا يهمها من أعطى الفيزا، بقدر اهتمامها بمعرفة هذا الجواز وما يمثله لحامله “غير المحظوظ”.
عندما تنظر لغلاف جواز السفر الفلسطيني، تجد أنهم كتبوا أسفله بالإنجليزية Passport وهذه الكلمة تطلق على من يمتلك دولة، “ونحن في فلسطين لسنا كذلك بعد”، لتجد أسفل هذه الكلمة مباشرة Travel Document وهي الكلمة التي ارتبطت باللاجئين الفلسطينيين الذين شردوا قسرا من بلدهم، لكن ليس كل من يحملون هذا الجواز “هم لاجئون في وطنهم”، لأنهم ولدوا وعاشوا ولا زالوا هناك!
عمر علي  شاب فلسطيني عشريني من رام الله، التقته “أخبار بووم” لسماع رأيه، فأبدى امتعاضه الشديد من الأمر، من دون أن يستطع أن يجد تفسيراً لهذا الأمر، رغم اعتقاده بأن كل ما كتب على جواز السفر متعلق بما فرضه اتفاق أوسلو على الفلسطينيين، والشروط الإسرائيلية المجحفة بحقنا دائماً.
لكن رانية من بيت لحم، اكتفت بالضحك الساخر إلى حد ما، مبررة ذلك بأنها لا تعرف كيف تعرّف عن نفسها، فلسطينية من سكان الأراضي المحتلة، أم لاجئة فلسطينية تعيش على أرضها في وطنها، رغم اعترافها بأن جواز السفر سهل إلى حد بعيد حياة الفلسطينيين، وأعطاهم المزيد من الفرص للتعريف بأنفسهم وقضيتهم، والتنقل بين الدول “التي يسمح للفلسطينيون بدخولها”.
رائد عمو من جنين، يرى بأن لا جدوى من الحديث في الأمر، ذلك أن “هذا ما نملك، ولا خيارات أخرى أمامنا، فإما أن نرتضي بالواقع، وإما سنكون بلا جواز سفر، وكأننا ارتضينا أن “نحبس” أنفسنا طوعاً في وطن تحت الأسر أصلاً، الأمر الذي اعتبره غير منطقي”.
الصفحة الداخلية لغلاف جواز السفر كتب فيها “هذا الجواز صادر بناء على اتفاقية الحكومة الذاتية الفلسطينية وفقاً لاتفاقية أوسلو الموقعة في واشنطن بتاريخ 13 سبتمبر 1993. يرجى من ذوي الشأن السماح لحامل هذا الجواز المرور بدون أي تأخير أو إعاقة وعند الضرورة حمايته وتقديم المساعدة له”.
هذا النص لا يطبق بالمطلق على حاملي هذا الجواز، لا في أميركا ولا أوروبا، والأدهى من ذلك في مختلف دول العالم العربي، حيث يعامل حامل هذا الجواز معاملة “العدو”، أو المنبوذ، وهو امر لا يفهمه الفلسطينيون.