- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

أمراء الحرب في الرئاسة …مشاريع حرب

Bassam 2013نقطة على السطر

بسّام الطيارة

بدأت منذ فترة تتواتر أخبار مباشرة وغير مباشرة حول ترشيح قائد حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع لرئاسة الجمهورية اللبنانية. وإذا نظرنا ملياً إلى الأسلوب المتبع عبر الإعلام وعبر التصريحات نرى أنها عملية تسويقية تسعى ليس لفتح باب قصر بعبداً أمام مرشح القوات اللبنانية بل تسعى إلى فتح قلوب اللبنانيين عبر إغلاق عقولهم.
هل حقاً يقبل اللبنانيون بسمير جعجع رئيساً؟ بعضهم لا شك في رغبته بأن يتبوأ من يحمل أفكارهم سدة الرئاسة. ،لكن بالطبع ليس كل اللبنانيين وليس كل من يؤيد جعجع يريده رئيساً. فالعقلاء بين مؤيديه يعرفون أن انتخابه هو «مشروع حرب أهلية ثانية»، ثقتي في أن هؤلاء سيدعمونه شفهياً بينما قلوبهم تصلي لعدم وصوله.
من دون العودة إلى الماضي الذي لو كنا في أي دولة كانت لكان هذا الماضي كفيلاً بسد طريق التفكير بالترشح، قد يقول قائلٌ إن جميع الزعماء اليوم كانوا زعماء حرب وتلطخت أيديهم بدماء اللبنانيين. هذا صحيح. لكن الفارق الوحيد هو «حكم القضاء»؛ عفو خاص لا يمحي ما خطّه القضاء. يعطي الحرية للمحكوم بسبب توافق المجتمع على ذلك، ولكنه لا يمحو من ذاكرة الوطن الحكم وأكثر من ذلك لا يعيد للمحكوم عذريته السياسية.
لنترك الماضي ولنر لماذا سمير جعجع في الرئاسة هو مشروع حرب.
نرى من حديث جعجع اليومي ومن تصريحاته أنه ما يزال يعيش هاجس «قلب نتائج الحرب الأهلية» في الشأن الإسرائيلي أولاً وأخيراً. رحم الله الرئيس رفيق الحريري الذي استطاع أن يطمئن القسم المسيحي من اللبنانيين الذين كانوا في ركاب القوات اللبنانية من دون الدخول في تفاصيل الرابح والخاسر في الحرب الأهلية… وفي الشأن الإسرائيلي أولا وأخيراً.
للذاكرة فقط القوات اللبنانية تعاملت مع إسرائيل طيلة تلك الحرب. وللذاكرة فقط كان سياق التعامل مع إسرائيل على أساس «حيادية لبنان في الصراع العربي الإسرائيلي». وها هي هذه الحيادية بارزة بغياب أي ذكر لإسرائيل في كافة التصريحات التي تمهد مسلك قلوب اللبنانيين لتقبل ترشيح سمير جعجع.
جعجع صريح جداً. فهو يدرك مثله مثل كل اللبنانيين أن العالم العربي منقسم إلى خطين وأن هذا الانقسام يصب في لبنان أيضاً. ومع ذلك يضع نفسه في صف لمواجهة صف آخر. هذا هو مشروع الحرب: يقول «علاقاتنا عميقة مع السعودية ودول الخليج العربي ومصر ومع أميركا وفرنسا والدول الأوروبية…»، ولكن هل يعتقد أن هذه الدول تريد فرض رئيس رغم أنف الفريق الآخر لتكوين مشروع حرب حقيقي في لبنان.
ثم أن جعجع يتكلم عن «برنامج انتخابي واضح»، متناسياً أن الدستور في لبنان لا يعطي لرئيس الجمهورية صلاحيات تتجاوز صلاحيات مجلس الوزراء … أياً كان وضوح برنامجه الانتخابي… وإلا إذا كان جعجع يسعى إلى إعادة صياغة ما تمخضت عنه الحرب الأهلية من إصلاحات دستورية فهي عودة إلى العام ١٩٧٥. إنها مشروع حرب (تماماً مثلما نشرت صحيفة “لوريان لوجور” في ٦ أيار ٢٠٠٥ حين أشارت إلى عودة عقارب الساعة إلى العام 1975 : الأرشيف موجود).

شخص واحد يستطيع أن ينزع فتيل طموحات سمير جعجع في الرئاسة: الشيخ سعد الحريري. نعم الحريري الإبن لو يحاول أن يسأل نفسه عما كان يمكن أن يفعل الشهيد المرحوم  لأدرك أن عليه قطع طريق شهية جعجع وركنه في الزاوية السياسية التي أفسحها له العفو الاستثنائي. في اليوم المشؤؤم يوم اغتيال الرئيس في ١٤ شباط نقلت صحيفة السفير عن لسان الرئيس قوله «أنا لا أريد التواصل معهم – يقصد القوات اللبنانية- هم يريدون التقرب مني ولكني لا أسعى لذلك ولا أريد ذلك». (الأرشيف موجود).
ملحوظة: الجنرال ميشال عون أيضاً غير مؤهل لتبؤ سدة الرئاسة. وكل من قصف مواطنيه إبان الحرب لا يمكن له أن يكون رئيساً للبنانيين ورمزاً لهم. يستطيع مثل بقية أمراء الحرب اللعب والمناورة في الساحة السياسية ولكنه مثله مثل أمراء الحرب لا يستطيع أن يقسم بحماية اللبنانيين وادستور اللبناني وتمثيل اللبنانيين.
هذه مناسبة لسعد الحريري ليسير على خطى والده الكبير ويقطع طريق الفتنة.