- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

صحوة مطلبية أم ربيع إصلاحي

Najat2014نجاة شرف الدين

على الرغم من أهمية الإستحقاقات السياسية اللبنانية ولا سيما منها الإنتخابات الرئاسية المنتظرة قبيل موعد الخامس والعشرين من شهر أيار المقبل ، فإن المشهد المطلبي الشعبي  ، يبدو أنه حول الإنظار بإتجاه الإستحقاقات الإقتصادية والإجتماعية ، من خلال سلسلة التظاهرات العمالية والنقابية لمختلف الفئات ، التي فرضت إيقاعا جديدا في الحياة السياسية الداخلية بعيدا عن المخاطر الأمنية والملفات السياسية . هذه الصحوة الشعبية التي تمثلت بداية بموضوع إقرار سلسلة الرتب والرواتب والتي تطال كافة القطاعات المنضوية تحت عباءة ” هيئة التنسيق النقابية ” ومنهم الأساتذة ، إستطاعت أن تنتزع ”  حقاً للمطالبين به ”   كما وصفه معظم النواب والخبراء الإقتصاديين لطالما تم تأخيره لسنوات طويلة وهو ألحق الغبن بالطبقات المتوسطة والفقيرة .
موضوع السلسلة والذي فتح الباب واسعا أمام مطالب فئات عمالية عديدة كانت أيضا منسية لسنوات طوال ، ومنها المياومون في مؤسسة كهرباء لبنان الى متطوعي الدفاع المدني ، والذين حصلوا على قرار من مجلس النواب بتثبيتهم .
هذا المشهد المطلبي الذي أوجد دينامية جديدة في البلاد ساهم فيها ، تزامنه مع الإجراءات الحكومية التي طالت الملفات الأمنية ، خاصة لجهة تطبيق الخطة في طرابلس والبقاع وإلقاء القبض على عدد كبير من الإرهابيين والمتهمين الفارين من وجه العدالة ، أوجد أيضا إطارا جامعا للبنانيين كونه يطال كافة القطاعات العمالية بعيدا الى حد ما ، عن القضايا الخلافية ذات البعد الطائفي والمذهبي  ، وإستطاع أن ينقل النقاش التحريضي على خلفية الصراع على سوريا،  الى نقاش حقوقي وغير طائفي ، وعادت الأصوات اليسارية لتعلو ضد ما تسميه ” حيتان المال ” .
صحيح أن سلسلة الرتب والرواتب تشكل المدماك الأساس في بلورة سياسة إجتماعية وإقتصادية ، إلا أن التحركات التي تزامنت وسبقت التظاهرات العمالية  لا تشمل فقط الحقوق المالية ، بل تتجاوزها الى قضايا الزواج المدني وحق المرأة في منح الجنسية اللبنانية لأولادها وزوجها وحماية المرأة من العنف الأسري كما حماية الأطفال حيث شهدنا ورشة عمل في المجلس النيابي أقرت بعض القوانين ومنها حماية المرأة من العنف ، مع السماح بالإغتصاب الزوجي ، بعد سلسلة من التحركات الميدانية من أجل الضغط كما بعد ما شهدناه من عمليات قتل مباشرة تعرضت لها العديد من النساء على يد رجالهم .
هذه اليقظة الشعبية حاولت بعض الأطراف السياسية مواكبتها عبر إستيعابها خاصة في مرحلة غير بعيدة عن استحقاق الإنتخابات النيابية ، وهي تتجه أيضا نحو سياسة جديدة تطلق شعارا إصلاحيا بوجه عمليات الفساد الواسعة في الإدارات والمؤسسات وهو الأمر ألذي عبر عنه رئيسي الجمهورية ومجلس الوزراء ميشال سليمان وتمام سلام  حيث طالبوا بمواكبة السلسلة بورشة إصلاحات  ادارية توقف الفساد وتضبط الانفاق الذي يؤدي الى وفر في الخزينة ما يسهل البحث الجدي والعملي في كيفية اقرار هذه السلسلة”. هذا الموقف المستجد بالدعوة الى الإصلاح كان أطلقه الرئيس نبيه بري حيث دعا الى ورشة إصلاحية على المستويين الإداري والرقابي عبر مكافحة الفساد وتفعيل المؤسسات والهيئات الرقابية وإنضم الى الرئيس بري النائب وليد جنبلاط الذي أبدى إنفتاحه التام لمناقشة أي أفكار إصلاحية جدية دعا الى تكريس كل مكونات الطبقة السياسية جهودها لإطلاق أوسع عملية إصلاحية لطالما إحتاجها لبنان بدل تسجيل المواقف البطولية غير المستندة إلى أرقام ومؤشرات فعلية”.

في لحظة داخلية تلاقت فيها المطالب العمالية بتوقيت سياسي توافقي يحتاج الى إثبات فاعلية هذه الحكومة الجامعة ، تم تمرير العديد من المطالب الإقتصادية والإجتماعية ، فهل بالإمكان  المراهنة على إصلاحات حقيقية تعيد موقع مؤسسات الدولة الى ممارسة دورها وتوقف جرائم الفساد والمحاصصة القائمة وتبشر بربيع ولو على المستوى الإصلاحي فقط ، أم ستقتصر على بعض البنود المطلبية في الوقت المستقطع سياسيا ؟