زاهر العريضي
حين تعود الى الاماكن التي تركت فيك الكثير منها… تشعر بأن هذه الأشجار تلامسك تتفقدك بنسمات الهواء الخفيف. يذكرك التراب بدعساتك. تسألك الأحجار عن رفاقك! تحجز لهم مقاعد فارغة.
وتنهال الصور كأنك عائد من هذا الكائن التكنولوجي المقيت الى شغف التفاعل مع تفاصيل فيها متعة الوجود.
تشعل ما جمعت من حطب وتتراقص النار! الدخان العابق هنا … العرق المتساقط من جلدك تشتاقه الأرض وترتوي بحنين دفين.
منذ أي ليل لم تنظر الى السماء؟ وتدندن أغنية النجوم،
صدى ترانيم على بعد سنوات. هل صرخة من الأعماق تكفي لكل هذا الحنين؟
يحمل أذنيه الى الصمت، يقلب في العصى الجمر ويحترق في شروده. يشعل ذاكرته مع اليباس يتطاير اللهب في فضاء تسكنه العتمة. ويحتفل في مشهدية الغياب.
في انفصاله يستيقظ في داخله الكائن الافتراضي. يرسل الصور… يجمد اللحظات في كادر عشوائي. يبوح في لغة الاشارات! ويغرق في طرقات عوالم أخرى.
ماذا يريد أن يكون في هذه اللحظة! ظل الأشجار المتمايلة، صوت الليل المثير، شبح العتمة العابر.
ماذا يريد ان يكون! الذاكرة المشتعلة في الموقدة. الرماد الخارج للتو من المحرقة. النجوم البعيدة. صدى هذا الفراغ الممتلئ بأصوات رفاقه. والى أين سيمضي ؟إلى زمن لا يعرف ملامح وجهه!
لكنه يعبر الى الضفة الأخرى… يدرك أين كان يفهم جيدا، ماذا كان هناك.
يشعر بالضياع. أين هو الآن؟
ينفض الخريف عن أوراقه. يجفف الشتاء من حبره. ويزرع الربيع في طريقه. يضيف ابتسامة حمقاء الى الكادر ويرسل الصور.
يكتشف أن العالم الافتراضي أصبح هو الواقع…