- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

عن أي فراغ يتحدث اللبنانيون؟

Attwi Moammar 2014معمر عطوي

عند كل استحقاق رئاسي أو دستوري في لبنان يأتي من يحذّر من الفراغ وتداعيات الفراغ والأزمات التي قد تنتج عنه. لكن لا أحد ينتبه إلى أن الفراغ أو ملء المراكز الرئاسية والنيابية والوزارية ووظائف الفئة الأولى هما سيان. إذ إن تعبئة المنصب لا يقدم ولا يؤخر في مفعوله الحالي والرجعي، إلا ما رحم ربي من بعض الانجازات التي إن تمت يتبين لاحقاً أن فيها فائدة لهذا المسؤول أو ذاك أو تحقيق مصلحة لهذه الدولة أو تلك من اللاعبين على رقعتنا.

في كل مرة يحذّرون فيها من الفراغ؛ قبل انتخاب رئيس للجمهورية أو عند انتهاء مدة البرلمان الدستورية أو لدى تكليف شخصية سياسية بتشكيل حكومة، أو قبل تقاعد أحد قادة الأجهزة الأمنية. فراغ.. فراغ.. فراغ.. وكأن البلد كان بوجودهم يعيش في بحبوحة اقتصادية واكتفاء ذاتي وورشة خدماتية لا تهدأ.

وكأن هؤلاء الذين يهددونا بفراغ وبأن الطوفان سيأتي من بعدهم، قد انتشلوا الزير من البئر، وأعادوا للوطن هيبته واستقلاله وسيادته وتحرره من التبعية للخارج. واتفقوا على بناء دولة مدنية عصرية لا تشوبها طائفية ولا مذهبية ولا ولاء لدولة خارجية على أساس المصلحة أو الانتماء المذهبي.

هل سيكون الفراغ أقسى من الوضع الحالي حيث تهيمن الإنقسامات حول مواضيع جوهرية؟؛ مثل محاربة الفساد، وتطبيق القانون، وتعزيز الصناعة الوطنية، والإنماء المتوازن، وسد ذرائع الخروج عن النظام بتنمية المناطق الفقيرة، وتعزيز الأرياف بمشاريع صناعية وزراعية وسياحية منتجة تخفف من أحزمة البؤس حول المدن، اضافة الى الاتفاق على صيغة لمقاومة العدو الصهيوني وسياسة البلد الخارجية وعلاقاته الديبلوماسية.

كل ذلك يبقى بالنسبة للبناني حلماً افتراضياً لم ولن يتحقق لا بملء المناصب الرئاسية والوزارية والنيابية والوظائف الحكومية ولا بفراغها. ربما الأفضل سقوط قنبلة فراغية على سياسيي لبنان علّها تريح هذا الشعب من استبدادهم، لأنه عندها سيستمر الوطن بصورة أفضل من دونهم وفي ظل الفراغ الذي يهددونا به، طبعاً. المفارقة الجميلة أنه لم ينتبه المحذرون من الفراغ من أن يتوافقوا على صورة هذا الفراغ وانتماءه الطائفي.