- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

تخبط المحكمة الدولية يؤخر كشف «الحقيقة»

Photo du 13-05-14 à 18.17نقطة على السطر

بسّام الطيارة

لماذا تأخذ المحكمة الدولية الخاصة بلبنان …البلد نحو المجهول؟ لماذا لا تركز المحكمة الدولية، التي انشئت تحت البند السابع، على  مهمتها الأولى «محاكمة قتلة الرئيس رفيق الحريري»؟ لماذا بعد سبع سنوات من البحث والتدقيق عما يتعلق بالجريمة وعما لا يتعلق لا من قريب ولا من بعيد بتلك الجريمة  النكراء، لماذا لا تصل إلى نتيجة.
يبدو من مسار المحكمة أنها تتخبط بشكل يثير العجب. وشاءت أم أبت فإن تخبطها يدفعها لتبدو وكأنها تصطف إلى جانب فريق في مواجهة فريق آخر، وهو آخر ما يمكن أن تصبو إليه محكمة وخصوصاً محكمة دولية.
الجميع في لبنان يريد الوصول إلى الحقيقة. وعمل الصحافة الأول منفصل بشكل واضح عن آماني المواطنين. آقصد هنا «الصحافة الإعلامية» وليس «صحافة الرأي». دور الصحافة الإعلامية هو تأمين الشفافية في كل ما يدور بعيداً عن أبصار المواطنين، ما يدور وراء الكواليس حيث تؤخذ القرارات وحيث تدار التحقيقات. في مسألة المحكمة الدولية دور الصحافة دعم مصداقية المحكمة عبر نقل حقيقة» ما يحدث، ويمكن القول إنها بفعلها هذا  تقوي عمل المحكمة.
ملاحقة وسيلتين إعلاميتين في لبنان يزيد الانقسام الحاصل  الذي يدور في البلد  حول عمل المحكمة. وهذا الاصطفاف لا يساعد على دعم عملها وأهدافها بل يعيد التذكير بمسألة إنشاءها خارج الأطر الدستورية.
ولكن لنترك جانباً تفاصيل الملاحقات القضائية الدولية، ولنرى في صميم المبادئ.
١) حرية الصحافة
الصحافة حرة في نشر أي معلومة تصل إليها وتراها مفيدة لتنوير الرأي العام، وهي حرية مطلقة وتكون بالطبع بعد التحقق في مصدر المعلومة.  دور الصحافة ليس حماية سياسة ما أو السياسيين ولا الدفاع عن عقيدة أو إيديولوجية. حتى القضاء فهي غير معنية بحمايته القضاء. على الأطر القضائية أن تحمي التحقيقات وتمنع التسريبات.
٢) المسؤولية.
توجد مسؤولية واعترف أنه من خطأ نشر معلومات تعرقل أي تحقيق قضائي أو أسماء المتهمين وهو ما حصل سابقاً في دير شبيغل أو الفيغارو ونشر أسماء الشهود ولكن المسؤولية تقع تقع على من سرب المعلومات.
يحصل هذا يومياً في الصحافة الفرنسية كان آخرها تسريب معلومات في ملف بيتانكور نشرت في صحيفة «لوموند»: من لاحق القضاء؟ …لاحق وحقق في مصدر تسريب المعلومات وعندما أراد جهاز الأمن الداخلي معرفة كيفية حصول الصحيفة على المعلومات عبر التنصت تمت ملاحقة رئيس الجهاز سكارسيني وبات اليوم خارج الوظيفة.
نشر الأخبار في بعض الأحيان يشكل خطراً على أمن الدولة ومع ذك لا تتردد الصحف في نشر المعلومات. للتذكير: في عهد ميتران نسفت قوة فرنسية باخرة لناشطيين بيئيين عندما حصلت لوموند على لائحة أسماء الكوماندونس نشرته من دون تردد.
واشنطن لا تلاحق الصحف التي نشرت ويكيليكس (ومنها الأخبار) أو وثائق تجسس أميركا على العالم، بل تلاحق المسرب سنودن لأنه كان داخل المؤسسة …
السؤال لماذا لا تلاحق ولا تحقق المحكمة بكيفية تسريب المعلومات؟؟
٣) الفوقية في الغرب
يضاف إلى ما سبق مسألة فوقية تعامل المحاكم الدولية مع ما يسمى دول العالم الثالث أفريقية كانت أم عربية. اليوم يوجد تأفف لدى معظم زعماء دول الأفريقية من «حصر» الملاحقات بالقارة الأفريقية، والعرب يطالبون بملاحقة «بعض» ما تقوم به إسرائيل.
من أبرز مظاهر الاستعمار إلى جانب العنف العسكري والاضطهاد، ما كان يسمى بـ«المحاكم المختلطة» أو المحاكم القنصلية. أي أن المستعمر كان يعتبر أن تلك الدول التي يحتلها غير قادرة على إقامة محاكم عادلة وقضاء نزيه.
ورغم العومة  انتقلت هذه الفوقية إلى الصحافة والتعامل معها.
المحكمة الدولية ارتكبت خطأ. العودة عن الخطأ فضيلة يقوي من سمعتها ويثبت الثقة لعملها وبعد حين الثقة بأحكامها. ولكن التشبص بموقف ملاحقة وسائل إعلامية عوضاً عن التحقيق في مصدر التسريب يعرضها للفقدان الثقة ولعدم تقبل أحكامها في المستقبل.