بسّام الطيارة
أثبت سعد الحريري أنه يتزعم بالفعل الطائفة السنية، إذ استطاع أن يتمسك حتى وقت قريب بترشيح سمير جعجع المحكوم بجرم قتل رئيس وزراء سني لرئاسة الجمهورية. ويحصل هذا من دون أي ثورة أو تململ في صفوف الطائفة. ولكن هذا الاثبات جاء على خلفية بروز معضلة قوية لرئيس حزب القوات اللبنانية جعجع ومعه الطائفة المارونية. لو أراد الحريري المناورة لإضعاف موارنة لبنان تثبيتاً لاتفاق «الطائف» الذي بناه مدماكاً تلو الآخر والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري لما فعل أفضل من هذا الترشيح.
مأساة جعجع أن حلفاءه يتمسكون بها ويضموه عبر الأصوات التي حصل عليها في الدورة الأولى،بشكل يمتع عنه وصول أوكسيجين الانفتاح على القوى الأخرى الفاعلة في البلد ومنهم «النصف الثاني الماروني». وإلا فما هو تفسير الحديث عن «تفاوض بين الحريري وعون»؟ المرشح الماروني الثاني، وحديث أمين جميل المرشح «الواقف على باب انسحاب جعجع»، لو أرادوا خنقه سياسياً والتشديد على الانقسام الواقع بين موارنة لبنان، لما فعلوا أفضل من ذلك.
يبدو وكأن الجميع من حلفاء وخصوم لا يريدون جعجع رئيساً أيا كانت الظروف. ولأول مرة منذ خروجه من السجن يستدر جعجع شفقة المتابع اللبناني لمعرفة هؤلاء المواطنين مدى «حربقة» رجال السياسة في لبنان، ويبدو هنا جعجع كـ«ملاك يتقاذفه الساسة» فلا أبواب السعودية تفتح له ولا إعلان لقاء بينه وبين مسؤول سعودي كبير ممكن. وهمسات من وراء كواليس دوائر «الأم الحنون» في باريس تنصحه بالانسحاب «تسهيلاً» لانتخاب رئيس جديد للبنان.
رئيس الجمهورية الجديد مما زال اسمه على ورقة في جيب حاملي القرار في الدوائر الإقليمية بعد الاتفاق مع القوى المؤثرة في الوضع اللبناني، وهو ليس اسم سمير جعجع.
نصيحة لرئيس القوات اللبنانية. أن يعيد إمساك أوراقه القوية بعيداً عن مسألة الترشيح ليقطف ثمارا سياسية على الطريقة اللبنانية مبنية على وزن مؤيديه الفعلي بعيداً عن سراب «تمسك الحريري» بترشيحه.