ماذا قال الدكتور سمير جعجع في مؤتمره الصحفي الذي دعا إليه عدد محدود جداً من الصحفيين والمفكرين؟ يطرح السؤال لأنه بعد أقل من ساعة من نهاية المؤتمر وزع المكتب الاعلامي لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع ملخصاً عن المؤتمر الصحافي لرئيس حزب القوات اللبنانية، «يكذب» فيه ما صدر عن بعض الوسائل الإعلامية، ووصفت مصادر القوات اللبنانية أن ما نشر يعتبر مجتزأً وغير صحيح.
ما هو الصحيح من غير الصحيح؟
الواقع أن «الخلاف الألسني» جاء عبر عملية نقل ما جاء على لسان «الحكيم» فهو محصورٌ في فعل «الطرح». قال جعجع :«الحريري قال لنا إن…العماد ميشال عون طرح نفسه مرشحاً توافقياً …». وقد نقلت بعض الوسائل الإعلامية الجملة من دون «طرح نفسه» فجاءت «الحريري قال لنا إن العماد عون مرشح توافقي»، وبين هذا وذاك خلاف كبير وتوجهات مختلفة في تبيان مسلك الحريري في ضباب مسألة ترشيح جعجع واحتمال ترشيح عون.
وكي نبتعد عن الشرح الألسني لنختصر الأمر بالقول إن الحريري «لم يعلن تبنيه لترشيح عون… ولكنه لم يجدد إعلان تمسكه بترشيح جعجع». وهذا ظاهرٌ بيّانٌ للعيون وواضح للعقول خصوصاً وأن بيان اليوم السابق الذي أعلن لقاء الحريري-جعجع بقي ضمن «العموميات» وتناسى «دعم ترشيح جعجع وهو ما كان سائداً حتى يومين سابقين (انقر نها).
جعجع محاولة الدخول إلى قلب الحريري
من هنا عندما وجه صحفي سؤالاً لجعجع يدور الثقة بالحريري ودعمه له فأجاب بشكل سوريالي جازماً بأن «احدا لا يستطيع الدخول الى قلب الاخر»، وهو في ذلك يعود إلى أرض الواقع وحلبة السياسة بعد أن كان لمدة أشهر في إطار الاستفتاء الحصري لـ ١٤ آذار.
إن مسألة عون وترشيح عون جاءت في مسار سرد جعجع لتفاصيل ما تداول مع الشيخ سعد، فقال «لقد استعرضت مع الرئيس سعد الحريري العملية المرتبطة بالإستحقاق الرئاسي من مختلف جوانبها، وطرحنا كل المخارج الممكنة للأزمة، وطرحنا كل الإحتمالات» ويتابع « وقد طرح الرئيس الحريري من جملة الإحتمالات أن <العماد ميشال عون طرح نفسه مرشحاً توافقياً> فلنتوقف ونرى كم هو العماد عون مرشح توافقي؟». ويتابع سرد ما حصل بينه وبين سعد فيقول «وبالفعل توقفنا واستعرضنا الأمر، وكان لي رأيي الموضوعي جداً».
وعندما انطلق سؤال : هل انت مصر على المضي بترشيحك ؟» جاء الجواب « لست مصراً على اي شيء شخصي» وإن هو استدرك بالقول «لكن لم يطرح احد بديلاً قريباً من خياراتنا».
ورداً على سؤال آخر، رأى جعجع «أن حزب الله يدعم العماد عون في الغرف المغلقة، ولكن إذا كان عون مرشحه فعلاً، فليُعلن عون برنامجه وليذهبوا إلى المجلس النيابي للتصويت له».
فنجاني قهوة وكأس عرق
ولقد بدا مؤتمر جهجه الصحفي وكأنه نوع من التنفيس عن مكنونات تجمعت نتيجة اللقاءات التي تمت في باريس فهو لم يعد يتحدث عن ترشيحه «بالمطلق» ولمنه يحاول نزع «التوافقية» عن الجنرال عون، فيقول «حتى اللحظة، العماد عون ليس مرشحاً توافقياً ولا يمكن للعماد عون التصرف كما تصرف في الجلسة الأولى وبعدها، وأن يعتبر نفسه توافقياً» وينهي قائلاً«لا يمكنه أن يصبح مرشحاً توافقياً بفنجاني قهوة وكأس عرق». ولكنه ليس لديه «أي فيتو على أحد، وفي حال فوز العماد عون، أنا أول شخص أذهب وأبارك له». ولكنه يحذر من أن عون لا يمكن أن« يعتبر فجأةً أنه ترك خطه السياسي وانتقل إلى خط آخر ، فهذا ليس جدياً».
بالنسبة لرئيس القوات اللبنانية فإن «عون لا يَتَرَشَح ولا يُرَشِحْ ولا يفسح مجال لمن يريد أن …يترشح».
السؤال الذي لم يطرح والذي يمكن أن يوضح البعد الذي قامت عليه جولة سمير جعجع في الخارج «لماذا رفض أي تدخل خارجي وهو اليوم ينتقل من عاصمة لأخرى؟» هل لأن المعطيات تغيرت وبات الدعم الخارجي ضروري، أم أنه أراد لقاء الشيخ سعد الحريري الذي لا يريد المجيء إلى لبنان ككما أن السعودية تتردد الآن في دعوة الحكيم، وأن هدفالزيارة سبر غور «مكنوات قلب» زعيم المستقبل وصولاً للحقيقة؟.