- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

عصام حمد: بالرواية والتعري أواجه وقاحة السياسيين

179883_10150111220593945_5510546_nبيروت- معمر عطوي (خاص “برس نت”)

عصام حمد، قاص وروائي لبناني مغمور، لم يقتحم حانات المثقفين ولم يعرف كيف يشبك علاقات مع إعلاميين مهتمين بشؤون الثقافة والأدب، فبقي في الظل رغم صدور مجموعتي قصص ورواية، ونشر رواية أخرى في مدونته الخاصة على الانترنت، إضافة الى رواية تنتظر قرار إحدى دور النشر في بيروت لترى النور.

هو روائي جريء يقتحم المحظور ويبوح بما هو مسكوت عنه فيتعاطى مع الجسد ككيان قائم بذاته، لا يربطه بالعيب أو بالحرام، بل يتحدث عن علاقة جدلية بين الجسد والحرية، وقد كتب عن احتجاجات التعري قبل أن تبدأ هذه الظاهرة بالانتشار ولو بشكل محدود في عالمنا العربي. عن مسيرته الأدبية والمشكلات التي يعانيها مع النشر تحدث حمد الى “برس نت” في حوار خاص.

* بخصوص مسيرتك الأدبية لديك رواية ومجموعتا قصص؛ لماذا توقفت عن النشر فترة ولجأت الى نشر روايتك عن الحرب الأهلية على موقعك الالكتروني؟ هل تعتقد أن الفضاء الإفتراضي أكثر ترويجاً للعمل الأدبي اليوم؟

** كنت قد نشرت ثلاثة كتب على نفقتي: “المنعطف المضاء”- مجموعة قصصية، و”طموح مخطوطة”- رواية، و”أول آكل للحم الحيوان”- مجموعة قصصية. فلما نفدت “ثروتي” عرضت روايتي الأخيرة “في وجهك يا وقح” على دار رياض الريس، طمعاً في نشرها. لكن الدار رفضت الرواية بدعوى أنني أذكر أسماء السياسيين صراحةً مما يعرّض الدار للملاحقة القانونية. ثم عرضتها على دار الآداب فرفضتها لأنها تسيء إلى فريق من اللبنانيين! إذ ذاك لجأت إلى النشر الإلكتروني فأنشأت لي مدوَّنة ورحت أنشر روايتي السياسية الساخرة: “في وجهك يا وقح”- مسلسلةً في حلقات امتدَّت من اغتيال الرئيس رفيق الحريري حتى الثورة المصرية. فلم يكن الاقتناع بالنشر الإلكتروني الدافع لاعتماده، بل العجز عن النشر الورقي الذي أعتبره أكثر أصالة.

 

* ما هي الرواية التي تنتظر موافقة دار نشر على طباعتها منذ فترة هلا حدثتنا عنها باختصار؟

روايتي الأخيرة هي “أمُّ 44 عين الرمَّانة” التي أنفقت في كتابتها ما يزيد على السنوات السبع. هي الحرب الأهلية اللبنانية 75 والاجتياح الإسرائيلي 82 – بالحشرات! وليس أدل على فكرتها من مطلعها: “الصبيان في الشيّاح وعين الرمّانة يولعون بمكافحة الحشرات وضعُوا على وجُوههم الكمَّامات، وحملُوا الرشَّاشات، وانخرَطُوا بحماسٍ في مُكافحة حَشَرات الحيِّ حتى قضَوا- في أيَّامٍ مَعدوداتٍ- على كلِّ حشَرةٍ زاحفةٍ أو طائرة. مُكافحة الحشرات تطالُ الفلسطينيِّين. بينما كانت حافلةٌ تعبرُ شوارعَ عين الرمَّانة- يُلوِّحُ ركَّابُها الفِلِسطينيُّون بأربعٍ وأربعينَ يداً من النوافذ عن جانبَيها- نظر إليها بعضُ صبيان الحيِّ من فوقُ، وكانُوا حاملين الرشَّاشات الحشريَّة، فاشتبهُوا بها ورشُّوها!”.172779_10150111337568945_8087703_o

** تحوّل الحافلة الفلسطينية إلى حشرة أم 44، تبدأ الرواية في نسج عالم موازٍ لما حدث حقاً في لبنان بتلك الحقبة الهامة من تاريخه، بحيث تلعب الميليشيات دور شركات مكافحة حشرات، ويكون لكلٍّ منها قائمة بما تعتبره “حشرات ضارَّة” بالحديقة اللبنانية ينبغي مكافحتها.. أما “شركة الإبادة الإسرائيلية” فإنها تقرّر دخول الحديقة للقضاء على الدبابير الخضراء الفلسطينية التي لا تنفكُّ تقرض بأفكاكها الحادة الشِّباك المُنخُليَّ الحدوديَّ الجنوبيَّ لتنفذ إلى الأرض الفلسطينية التي هُجِّرت منها، وتلسع الموظفين اليهود.

هذه الرواية :أم44 عين الرمانة” أنتظر فيها قراراً بالنشر من دار الآداب- ولا أدري ماذا أفعل إن رفضوا نشرها: أأستدين لأطبعها على نفقتي، أم ألقي بها على الشبكة العنكبوتية- كما ألقيت روايتي “في وجهك يا وقح”؟

وفي كلتا الحالتين لن يُكتب لها النجاح والشهرة مهما بلغت من طرافة وجِدَّة في الموضوع والمعالجة. وذلك لأن هاتين الكلمتين- أعني النجاح والشهرة- لا يكتبهما في لبناننا إلا أقلام قلَّة من النقَّاد لا تلتفت لكاتب جديد مثلي ما لم يقدِّم لهم “قروش الطاعة”!

* هل تعتقد أن الروائي في وطننا يحتاج الى مافيا ثقافية لتروج أعماله وتجعله مشهوراً؟

** نعم. أنا أزعم أنَّ أحداً من الكتاّب لم يكتب تاريخ لبنان بالحشرات كما فعلتُ أنا في روايتي “أم44” التي استطعت فيها- خلال سنوات كتابتها- التعبير، بالشركات المختلفة لمكافحة الحشرات، عن اختلاف نظرة الزعماء اللبنانيين إلى أزمة هذا الوطن-الحديقة، والتعبير بأنواع متنوّعة من الحشرات كالدبابير الملوّنة عن تنوّع أساليب التصدّي لسموم تلك الشركات، والتعبير بأصناف من الحيوانات كالأسد السوري والفهد السعودي والديناصور الإسرائيلي- عن التدخّل الإقليمي في الحديقة اللبنانية.

 

* كنت تحدثت عن تظاهرات التعري للاحتجاج قبل أن تصبح نمطاً سائداً خصوصاً ما تقوم به “منظمة فيمن” حول العالم، ما هو انطباعك حول هذا الاستشراف لطبيعة الاحتجاج هذه، مع ان هذه الطريقة كانت منذ الستينان رائجة في الغرب؟

** تفصيل الخبر أنني كتبتُ روايتي السياسية “في وجهك يا وقح” وفيها تتعرّى البطلة رجاء في وجوه الوقحين من السياسيين اللبنانيين- بالأسماء الصريحة- تعرياً احتجاجياً فاضحاً لوقاحاتهم، بعيداً عن الإباحية والإغراء. ولما رفضت دور النشر طبع الرواية نشرتها مسلسلة في موقعي الإلكتروني.. ولاقت ما لاقت من شهرة افتراضية.. حتى كان يوم سمعت فيه بتعري الآنسة المصرية علياء المهدي، احتجاجاً على “أخونة” الثورة واعتبارهم جسد المرأة بل صوتها عورة ينبغي سترها. فعجبتُ قائلاً لنفسي: هذه بطلة روايتي خرجت منها إلى دنيا الواقع! فلما اعتبر بعض الصحافيين تلك الظاهرة جديدةً على عالمنا العربي قلت لهم: مهلاً.. أنا نشرتُ، من قبل، رواية تعرَّت بطلتها تعرياً سياسياً! ولما قال بعض الصحافيين- كقولك يا أستاذ معمر- إن ظاهرة التعري معروفة في تظاهرات نسوية في أوروبا، قلت لهم: مهلاً.. في أوروبا سارت الغانيات في الشوارع يُطالبنَ بحقوقهنَّ في العمل الإباحيّ.. لكن لم يحدث أن تعرَّى ثديان احتجاجاً على الضرائب- واضعين فيما بينها قطعة نقدية من فئة الخمسماية ليرة، ورافعين لافتة: من عبِّنا إلى جيب السنيورة!

لم يحدث أن تعرَّت بطنٌ احتجاجاً على استيراد الأغذية الفاسدة، في غير روايتي، تحدثت عن جذب عجيزةٌ أولئك الذين شذُّوا في مواقفهم السياسية من قضايا بلادهم. وجذب الفرج، بالمقابل، أولئك الطبيعيين في مواقفهم- فانقسم الشعب بين العُضوين العاريين إلى 14 و8؟

* ماذا تعني لك الرواية بالمفهوم السياسي؟ ألا تخاف من ذكر أسماء السياسيين بصراحة بما يهدد حياتك؟

** الرواية السياسية: في وجهك يا وقح- روايتي السياسية الأولى، التي قررتُ فيها مواجهة وقاحة بعض السياسيين اللبنانيين بما ملكت يدي- أي بالقلم- أشعرتني بلذة القدرة على إيلام المسؤول عندما يتواقح علينا وليس من يحاسبه. وهيهات أن ينغّص عليَّ لذتي هذه خوفٌ من ملاحقة أو اعتقال!.