- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

فرنسا وقوة اليمين المتطرف

Bassam 2013نقطة على السطر

بسّام الطيارة

تريد جميع الأحزاب التقليدية في فرنسا أن ترى في الانتخابات التي جرت مؤخراً والتي أظهرت بالجبهة الوطنية المتطرفة كأول قوة سياسية في البلاد،انتخابات تعني بالشأن الأوروبي فقط، أي أنها منفصلة عن الشأن الداخلي. وهذه النظرة المشتركة بين حزب «تجمع الأكثرية الشعبية» اليميني المعارض والحزب الاشتراكي الحاكم، هي محاولة للتقليل من أهمية هذه النتائج التي اتفق الإعلام الفرنسي على وصفها بـ«الزلزال».

في الواقع جاء تصويت الفرنسيين على الشأن الداخلي وجاء بشكل تنديد بسياسة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند من جهة وشحب لمسارات سياسية واقتصادية لا تتغير رغم تغيير الأكثرية في الانتخابات رئاسية كانت أم نيابية. هذا ما رفضه المواطنون الذين صوتوا أو الذين امتنعوا عن التوجه لصناديق الاقتراع.  وعبروا عن رفضهم بالتصويت لمن يدعو للانسحاب من الاتحاد الأوروبي أي الجبهة الوطنية، على أساس أن الاتحاد الأوروبي يقف وراء هذا التوجه السياسي والاقتصادي.

مؤيدو اليسار هجروا العملية الانتخابية لتدفيع هولاند ثمن سياسته الليبرالية اليمينية وهو الذي انتخب على أساس برنامج يساري اشتراكي. في فرنسا أكثر من ١٢ في المئة من العاطلين عن العمل و٣٠ في المئة رواتبهم تقارب الحد الأدنى للأجور بينما ١٠ في المئة من الفرنسيين يعيشون تحت عتبة الفقر … وماذا يفعل في هذا الأثناء هولاند وأفراد حكومته؟ يبحثون في تمرير قوانين زواج المثليين وقوانين تغيير مواعيد المدارس الابتدائية، ويفرضون ضرائب على الفقراء لتوفير ٥٠ مليار يورو لسد عجز الخزينة بينما يقدمون «هدايا ضرائبية تحفيزية» بقيمة ٣٠ مليار يورو للشركات الكبرى.

التصويت جاء للتنديد بسياسات الاتحاد الأوروبي التي يراها المواطن الفرنسي منعزلة كلياً عن واقعه وتتم من وراء ظهره ومن دون علمه ويقررها بيروقراطيون في بروكسل. أفضل مثال اتفاق الشراكة مع الولايات المتحدة التي طرح مباشرة قبل الانتخابات على صفحات وسائل الإعلام. هذا الاتفاق يرفضه الفرنسيون ولكنهم لم يدروا به ولا بتفاصيله. وبمجرد ذكره والحديث عن قرب توقيع اتفاق يفتح الأسواق الأوروبية أمام البضائع  والشركات الكبرى الأميركية حتى رأى المواطنون يد بروكسل الخفيج وراء هذا المشروع. وقد أضر هذا بالأحزاب الكلاسيكية فاليمين فاوض خلال سنوات حكمه تفاصيل هذا الاتفاق بينما يستعد الاشتراكيون لتوقيع عليه من دون استشارة المواطنين فيما الجميع منتجار إلى مزارعين إلى صناعيين وحرفيين يعارضون هذه الاتفاقية التي تفرضها مفوضية الاتحاد الأوروبي.

وبعد هذا يتعجب البعض من وصول الجبهة الوطنية في مقدمة نتائج الانتخابات الأوروبية!

تحذر الأحزاب اليسارية من الجبهة الوطنية المتطرفة وطروحاتها بشأن الهجرة والمهاجرين؟ ولكن ما تقوله مارين لوبن زعيمة الجبهة علنا ومباشرة حول ضرورة إقفال أبواب الهجرة يقوله هولاند بطريقة مواربة عندما يتحدث عن «ضبط الهجرة». عندما تطالب لوبن بإقفال الحدود والتنصل من اتفاقية شنغن تقول الأحزاب الكلاسيكية بضرورة ضبط الحدود ولا يتردد اليمين «المعتدل» من المطالبة بإعادة التفاوض حول شنغن.

في الواقع صوت المواطن الفرنسي ضد الاتحاد الأوروبي إذا نظرنا إلى هذه الانتخابات بمنظور أوروبي، وصوت ضد لأحزاب الكلاسيكية إذا نظرنا إليها من منظور محلي.