من هو الحليف الأقوى لبشار الأسد؟ يبدو أن الجواب على هذا السؤال يأتي مختلفاً حسب الجهة التي نصغي لها: إذا أعطينا أذناً يمنى إلى الجنرال مارتن ديمبسي رئيس هيئة الأركان الأميركي نجد أن «أوباما هو الحليف القوي لبشار الأسد» لأنه يمتنع عن تسليم المعارضة السورية أسلحة، وهو ما تؤكده انتقادات سفير أميركا السابق إلى دمشق روبرت فورد (انقر هنا) تعيد التوازن إلى ساحات القتال. وإذا أعطينا أذناً يسرى للرئيس الأميركي باراك حسين أوباما والغرب بشكل عام والمعارضة السورية والدول الإقليمية المعاادية للنظام السوري نجد أن الحليف الأقوى هو «جزب الله» المدعوم إيرانياً.
ويرى المنتقدون أن «داعم أوباما غير المباشر» لم يساهم بتقوية الجيش السوري النظامي. ولمنه ساهم بإضعاف المقاومة وتقوية الكتائب الجهادية، وهو ما يسمح للجيش السوري بتحقيق انتصارات يصفها الخبراء بأنها «موضعية». إذ يتفق هؤلاء على أن الجيش السوري يحقق بعض الانتصارات ولكنه عاجز عن «التموضع خارج المدن التي استردها وفي أريافها» ويعود ذلك حسب المراقبين إلى «تراجع عديد الجيش». إذ أن الجيش السوري القائم على الخدمة الإجبارية يرى أعداد الذين يجيبون على دعوات التجنيد بتراجع كبير حتى بين صفوف المؤيدين له، ولا يرى القيمون على الأمن العسكري من المستحسن استعمال الحزم والقوة لإجبار الشباب السوري على الالتحاق بالجيش، وهو ما دفع لاستعمال الميليشيا الشعبية الموالية.
ولكن هذا لا يمنع أن النظام قد ربح جولات عدة عسكرية استغلها إعلامياً بشكل جيد جداً وربح سياسياً بتراجع قوى المعارضة المعترف بها في الخارج بسبب تقدم القوى الجهادية على الأرض. وكانت آخر المعارك السياسية التي ربحها النظام معركة تنظيم الانتخابات الرئاسية. وتلوح القوى المناوئة للنظام السوري بأن هذه الانتخابات وما سينبثق عنها من نتائج «معروفة سلفاً» قد دفنت اتفاق جنيف ١ وفسرت فشل جنيف ٢ .
ولكن يبدو أن رياح التغيير قد أصابت القوى المناوئة لنظام بحيث أن التكتيك الأميركي الجديد يقوم على الدفع نحو «استيعاب» انتصارات النظام والعمل على تحويلها إلى «حشر في زاوية مأزقالانفتاح على المعارضة الداخلية». وقدعلمت «برس نت» أن الأميركيين قد بدأوا بفتح قنوات اتصال تتجاوز الائتلاف السوري المعارض وتصل مباشرة إلى المعارضات في الداخل، وقد تجسدت هذه الخطوات بلقاء ت في بيروت بين الأميركيين وعدد من معارضي الداخل وبعض ممثلي النظام. وحسب هذه المعلومات فإن معارضين لهم وزن كبير في الداخل والخارج رفضاً الانضمام إلى هذا الاجتماع بعد أن كشف لهم الأميركيون وجود ممثلين للنظام.
وتوقل المعلومات بأن الخطوة الأميركية التي تتم بمباركة سعودية تسعى إلى ثلاثة أهداف:
١) استيعاب الانتصارات الإعلامية التي يسجلها النظام (إما على صعيد المعارك أو بسبب نجاح عملية الانتخابات) عبر استبقا أي اتفاق يمكن أن يتم مع قوى المعارضة الداخلية يحاكي الاتفاقات التي تمت عسكرياً مع بعض قوى المعارضة المسلحة في حمص وريف دمشق.
٢) إجبار الائتلاف السوري المعارض على الاندماج والانفتاح على المعارضة الداخلية والتنسيقيات لإظهار بعداً سياسياً يغطي على فشل الائتلاف في بناء هيكيلة عسكرية فعالة بعد انهيار الجيش السوري الحر. وهذا ما يسمح بإبعاد صبغة الجهادية عن المعارضة السورية بشكل عام في حال تغيير الاستراتيجية والعودة إلى مسألة تسليح المعارضة.
٣) العمل العسكري وهو على جبهتين. جبهة شمالية تسعى لتأجيج النزاع بين جبهة النصرة و«داعش» بهدف إضعاف الطرفين وتقوية الكتائلب الإسلامية التي لا تنتمي لتنظيم القاعدة. ومحاولة تنظيف الجبهة الجنوبية من كافة الجهاديين استعداداً لعودة المعارك بشكل «نظيف» بعيداً عن الصبغة الجهادية التي تخيف النظام الهاشمي في الأردن.
ويبدو أن موسكو تواكب هذه الخطوات بنوع من الإيجابية وتسعى لإبعاد شبح عودة المعارك عبر طرح مسألة «حكومة وطنية» تشارك بها المعارضة في الداخل مع عدد كبير من الوزراء التكنوقراط يمكن أن يشكلوا مدخلاً لتطعيمها بعناصر من ائتلاف المعارضة في الخارج.
ولكن منذ عدة أيام بدأت تواجه هذه الخطوات الأميركية معارضة قوية من قبل قوى متعددة منها المعارضات التي ترى نفسها مستبعدة من هذا الاتفاق ويرى البعض أن «هجمة السفير فورد» على أوباما يمثل صرخة المعارضة. كما أن بعض القوى في داخل النظام ترى أن هذا المسار سيقود نحو نقطتين لا ثالثة لهما إما تنازل الأسد عن الكثير من صلاحياته أو العودة لمعارك أشد مع تسليح غربي للمعارضة.