باريس- أوراس زيباوي (خاص)
على بعد ثلاثين كيلومتراً من باريس يقع دير “روايومون” الذي يمثّل تحفة معمارية من مرحلة القرون الوسطى، وهي مسجلة على لائحة التراث الوطني المعماري في فرنسا. لكن أهمية “روايومون” لا تنحصر فقط في عمارته القوطية الرائعة، بل أيضاً في كونه تحوّل إلى مؤسسة ثقافية تضم مكتبة موسيقية نادرة وقاعات تستقبل طوال العام الحفلات الموسيقية واللقاءات الأدبية والفكرية. ما يميز “روايومون” أيضاً هو أنه أول مؤسسة ثقافية خاصة عرفتها فرنسا حيث تخضع المؤسسات الثقافية والمتاحف بصورة عامة لإشراف الدولة.
لا بد من الإشارة إلى أنّ دير روايومون شيّد ما بين 1228 و1235 بأمر من الملك لويس التاسع المعروف أيضا بالقديس لويس. وكان هذا الأخير يتردد باستمرار على الدير ويشارك الرهبان حياتهم اليومية.
ومنذ ذلك الوقت، لعب الدير دوراً هاماً في التاريخ الفرنسي بسبب طابعه الملكي. وبعد الثورة الفرنسية تفرّق الرهبان وعرض الدير للبيع. عام 1927، سجّل الدير على لائحة الصروح المعمارية الوطنية وكان علينا أن ننتظر عام 1964 حتى يصبح الدير مؤسسة ثقافية خاصة. وكان وزير الثقافة الأديب أندريه مالرو من الذين شجّعوا أسرة غوين، مالكة الدير منذ عام 1905، على تحويله الى مؤسسة ثقافية.
واليوم، وبمناسبة مرور خمسين عاماً على تأسيس “مؤسسة روايومون”، تقام ابتداء من الثامن والعشرين من الشهر الجاري ولغاية نهاية شهر كانون الأول/ ديسمبر، مجموعة كبيرة من النشاطات الثقافية والحفلات الموسيقية التي يشارك فيها مبدعون من جنسيات مختلفة وبعضهم من العالم العربي. فالانفتاح على ثقافات العالم، ومنها العالم العربي، كان دائماً من أهداف المشرفين على “مؤسسة روايومون”.
ولقد شارك، في السنوات الماضية، العديد من المبدعين العرب في فعاليات هذا الصرح الثقافي، ومنهم الموسيقي اللبناني زاد ملتقى، وعازف العود العراقي أحمد مختار، وعازف العود المصري طارق عبد الله، والشاعر اللبناني عباس بيضون وغيرهم… أما في سياق الاحتفالات الجديدة فيشارك كل من الموسيقي المغربي أحمد الصياد، والعراقي أمير الصفار، والمغنية الفلسطينية كاميليا جبران، والمغني السوري خالد الحافظ.