- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

المهرجان الوطني لإبداعات المرأة في الجزائر

Aïda_Allouche_Koléa

تقديم الكسكس

الجزائر- نصيرة بلامين (خاص)

احتضن “قصر رياس البحر” أو “حصن 23” من 05 إلى 11 حزيران/جوان المهرجان الوطني لإبداعات المرأة في طبعته الخامسة، تحت عنوان: “حبوب ذهبية… تراث، فنون وأذواق”.

ويعدّ “قصر رياس البحر” أحد المعالم التّاريخية الأكثر أهمية في العاصمة الجزائرية، وكان إنشاؤه على يد الدّاي “مصطفى” بين عامي 1750 و1798 وتمّ تسجيله ضمن التّراث الوطني عام 1991، بعد أشغال ترميم قامت بها شركة إيطالية عام 1987.

وخُصصت هذه التظاهرة الثقافية لفنّ الطّهي الجزائري لطبق “الكسكس” (أو “سكسو” كما يُقال باللّغة الأمازيغية أو القبائلية) الذّي يعدّ الطبق الوطني الجزائري الأصيل، وكذا فنّ تزيين طاولات الطعام على الطريقة التقليدية الجزائرية.

انتقلنا إلى “حصن 23” يوم السبت 07 جوان في حدود الساعة الواحدة والنصف زوالاً لمقابلة العارضات وعند وصولنا إلى القصر، أبلغنا المقيمون على هذه التظاهرة بأنّ العارضات كنّ منهمكات في إعداد طبق “الكسكس” في المطابخ بحيث تمّ برمجة عرض أطباق الكسكس المختلفة على الساعة السادسة مساءً، لكن للأسف لم نتمكن من البقاء حتّى ذلك الوقت ولا العودة إلى “حصن 23” في وقت لاحق، ولذلك لم يتسن لنا الالتقاء بمختلف العارضات ولا التقاط صور لمختلف أطباق الكسكس وعرض بعض الصور الفريدة لقرائنا الأعزاء، لكن هذا لم يمنعنا من دخول القصر والاستمتاع بالعرض وبباحاته.

ويتكوّن “قصر رياس البحر” من العديد من “الدويرات” وتشكيلة هذا القصر هي على نفس نمط الهندسة المعمارية لبيوت مدينة القصبة القديمة. ويمكن للزّائر أن ينتقل بين باحات القصر الرّائعة صاعدًا نازلاً مجتازًا أقواسها (أو كما يقال بالعامية الجزائرية “لعرس”) ذات اللون الأزرق والأخضر الباهت، بزخارف وفسيفساء عربية، إنّها بالفعل تحفة في غاية الجمال والأبهة تتداخل فيها متعة التفصيل وهي متعة للنّاظر كذلك.

وكان العديد من النسوة الجزائريات الحرفيات شاركن في “المهرجان الوطني لإبداعات المرأة” أتين من كلّ مناطق الجزائر، وعلى سبيل الذّكر لا الحصر، تواجدت بينهن، “عايدة علوش” من مدينة القليعة، “جميلة كشرود” من بسكرة، “صافيناز عويش” و”بوصافور باريا” و”بن لوي نسيمة” من قسنطينة، “عزيزة عبد الدايم” من إلليزي، “فايزة مخانت” من الأغواط، “حسيبة بوفجي” و”زهرة باشا” من الجزائر العاصمة، “وردية سوركي” و”رزيقة دوفان” من تيزي وزو و”بن عودة زهرة” من تيبازة.

وعن طريق فنّ التزيين التقليدي للطاولة، ينعكس فنّ الطهي الجزائري في كيفية تحضير الموائد وطاولات الأكل، وفي أطباق الفخار التقليدي والخزف والسلال والأثاث والأطباق والتوابل وغيرها.

توجهنا بعدها إلى قصر رقم 23، وكان بابه الهائل ذو اللون الأسود فُتح لنا على مصراعيه وذكّرنا شكله بأحد أبواب قصر “الحمراء” بغرناطة (إسبانيا).

في مدخل القصر، وجدنا أنفسنا أمام قدر “كسكاس” تقليدي وُضع على أرضية شكلت على حدوده رسم “الخامسة” أو كما يسمونها في بعض المناطق العربية “يد فاطمة”، و”الخامسة”  هي إحدى الرّموز القديمة والتّي تعني حسب عادات وتقاليد المنطقة حرزًا لإبعاد “عين الحساد”. لكن، إذا أخذنا مفهوم “الخامسة” من وجهة نظر “سيميولوجية” أو “سيميائية” (أو “علم المعاني” ولا نعني بذلك “علم المعاني” الخاص بدراسة اللّغة العربية بل ذلك العلم الذّي يدرس الصورة والرّموز وغيرها)، فيمكن أن نفسّر معاني الغامضة لـ”الخامسة” كونها علامة تدلّ على إشارة “قف” أو وجوب “تحديد مسافة” معيّنة لشخص ما أو أمام حالة معيّنة ومجال التّفسير والتّعليق في هذا المجال مفتوح.

توغلنا داخل “قصر 23” ولحسن حظنا وجدنا العارضة الوحيدة التّي كانت حاضرة في المعرض وهي السيدة “رزيقة دوفان” من مدينة “الأربعاء نايث ايراثن” التابعة لولاية تيزي وزو (القبائل الكبرى).

httpv://www.youtube.com/watch?v=3oLfxTI2yVw

والسيدة “دوفان” هي مُتخصصة في التطريز واستعمال الأشكال البربرية أو الأمازيغية وأعطتنا نظرة عن الطرز البربري بل وأمتعتنا بروائع الزخارف المطرزة والتّي عادة ما تأتي على شكل “مقروطة” متخذة لون الأرض بين اللّون البني والبرتقالي. وقالت لنا السيدة “دوفان” إنّ استعمالها لهذه الرسومات يحمل معاني وهي أغلبها ترمز إلى “المرأة” بل هي نوع من الرموز الهيروغليفية، إن صحّ التعبير، تلجأ إليها المرأة البربرية لإيصال “رسالة مشفرة” وتقوم بعدها قبيلتها أو عشيرتها بحلها لفهم مضمون الرّسالة المطروحة أمام أنظارهم.

كما كانت عارضتنا حاضرة كذلك لتقديم أطباق الكسكس المختلفة وحدّثتنا عن أحد الأطباق القديمة جدًا وهو نوع من الكسكس يُخلط مع طحين ثمرة “البلوط”، وهذا النوع من الكسكس يتواجد خاصة في القرى القبائلية النّائية.

أنهينا جولتنا في باحات القصر بالتقاط صور لمختلف التزيين والديكورات التقليدية المعروضة وفي الوقت ذاته كانت الطاهيات خارج “قصر 23” يعدن طهي الكسكس وكانت رائحته وصلتنا لتدغدغ أنوفنا وتبعث فينا الرّغبة في السفر إلى إحدى القرى في منطقة القبائل الكبرى.