بدعوة من “مركز كارنيغي للشرق الأوسط” شهد فندق فينيسيا في بيروت أمس (17 حزيران 2014)، حفل إطلاق تقرير “التكامل العربي” استعداداً لانعقاد القمة الاقتصادية والاجتماعية العربية المقبلة في بداية العام 2015 في تونس.
يأتي هذا الحفل، في ظل المناقشات حول تشكيل الاتحاد الجمركي العربي في إطار جامعة الدول العربية، حيث أصدرت اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا في الأمم المتحدة “الإسكوا”، تقريراً بعنوان “التكامل العربي: سبيل لنهضة إنسانية”، بهدف تقديم رؤية استراتيجية لتكريس التكامل العربي الفعال بأبعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، حسبما أوضحت “كارنيغي” في بيانها عن الحفل.
تحدث في الافتتاح الأمينة التنفيذية لـ”الإسكوا” ريما خلف، والباحثة الأولى في “مركز كارنيغي”، مهى يحيى، ورئيس الوزراء الأسبق فؤاد السنيورة، الذي أثنى على مشروع التكامل العربي، “والعمل العربي الجاد في وجه قوى الاستبداد وقوى التطرف.
وختم السنيورة كلمته بالقول: “عاش التضامن العربي في وجه العدو الصهيوني ومخططات الفصل العنصري، وفي مواجهة فكي كماشة إرهاب الأنظمة الحاكمة والجماعات المتطرفة”.
في الجلسة الأولى حاورت يحيى كلاً من مدير إدارة التنمية الاقتصادية والعولمة في “الإسكوا” الكاتب عبدالله الدردري، والروائية العراقية هيفاء زنكنة، وهما من كتاب التقرير الرئيسيين.
ورأى الدردري أن أهم المعوقات التي تقف أمام مشروع التكامل العربي هي “منظومة الإقصاء والتهميش التي شهدناها في السياسة والاقتصاد والثقافة منذ عهود الاستقلال، اضافة الى الهيمنة الأجنبية والأزمة المعرفية”.
وتحدثت زنكنة عن التقرير قائلة إنه “يختلف عن التقارير الرسمية.. وبعيد عن اللغة الجاهزة والخطابية لأن الخطابية قاتلة”. وقالت “تناولنا مقومات الثقافة وناقشناها وطرحناها وتحدثنا عن واقع التحديات التي تواجهها اللغة العربية وعن المنظور الفكري والفلسفي والدين والاختلاف المذهبي؛ كيف نتحداها ونتجاوب معها وما يتعلق بالحراك الاجتماعي والتوق الى الحرية”.
أما الجلسة الثانية، فكان المحاور فيها، الباحث في “كارنيغي” يزيد الصايغ، حيث تناولت “الإصلاح السياسي والتكامل الاقتصادي: آفاق المستقبل”، وتحدث فيها نائب رئيس مجلس الوزراء الأردني الأسبق طاهر كنعان، عن علاقة النهضة بالفكر والمثقفين، معتبراً أن “محاولة النهضة” على أيدي مجموعة من علماء دين في بداية القرن الماضي هي ثورة أساساً على المرجعية الدينية على اعتبار أن “النص الالهي نسبي وغير مطلق والقرآن مخلوق وليس كلمة الله الأزلية”.
وتناول نائب رئيس “الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان” الناشط اليمني عزالدين الأصبحي، قضية “تهديد الاستقلال وعودة الاحتلال”، منتقداً مطالبة البعض بتدخلات غربية في بلادنا، والترحيب بالاحتلال. وقال “لم ننجح بعد في مسألة الانتقال الى الديموقراطية. لا تزال المنطقة تعاني من ديكتاتوريات متنوعة ولا زالت الديكتاتورية عندنا قادرة على تجديد نفسها”.
بدوره، وزير المالية اللبناني الأسبق عضو “المجموعة الاستشارية الإقليمية لصندوق النقد الدولي لمنطقة الشرق الأوسط”، جهاد أزعور، تحدث عن أهمية الربط بين محاربة الفقر وبين النمو الاقتصادي، مشيراً الى “ظهور مفهوم جديد برز حول فاعلية ونجاعة محاربة الفقر كأساس للنمو”.
في الجلسة الثالثة تحت عنوان “الحرية والتحرر للأفراد والأوطان: النهضة العربية والإصلاح المنشود”، أدار الحوار أستاذ الفلسفة في جامعة دمشق، الطيب التزيني، وتحدث كل من عضو “الفريق العربي للحوار الإسلامي المسيحي” ، هاني فحص، ومستشار “الحوار” لإمام الأزهر الأكبر في مصر، محمود عزب، ومديرة معهد العالي للترجمة في الجزائر التابع لجامعة الدول العربية، إنعام بيوض، ومدير “مركز الشيخ محمد الفاضل بن عاشور للثقافة والتنوير” في تونس، سامي ابراهام.
وعلى الرغم من تقرير أن “التكامل العربي “، يبدو كتحليل واقعي وجديد لمشروع الاندماج الاقتصادي بين الدول العربية، الا أنه مشروع استهلك الحديث عنه في مؤتمرات وندوات فكرية واقتصادية وسياسية ومناسبات عديدة على مدى عقود من دون طائل، حيث كانت إرادة الأنظمة السياسية والدول الغربية المتضررة منه هي أحد أبرز أسباب إجهاضه.
