- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

مسيحيو العراق يخشون المستقبل


بغداد – خاص «أخبار بووم»

ينظر مسيحيو العراق بقلق إلى مرحلة ما بعد الإنسحاب الأميركي، متخوفين خصوصاً من الحالة الأمنية التي تشهد منذ 2003 صراعاً دامياً قتل فيه مئات المسيحيين ودفع اعداداً كبيرة منهم للهجرة.
ويقول رئيس أساقفة كركوك والسليمانية (شمال) للمسيحيين الكلدان المطران لويس ساكو «لدينا مخاوف من الإنسحاب الأميركي رغم وجود طمأنة من قبل القوات الأمنية”. ويضيف «هناك فشل في ضمان سلامة المسيحيين وقوات الأمن ليست معدة بشكل كاف لضمان حمايتهم وحماية الجميع، ورغم اننا طالبنا مراراً برفع درجة الحذر إلاّ أن النتائج غير مشجعة”.
ويوضح ساكو أن «الوضع الاقليمي المحيط بالعراق مخيف والتدخلات قائمة وقواتنا الجوية والبحرية غير قادرة على اداء مهامها، وتشكيل القوات يعتمد المحاصصة، وهذه مسائل لا تبشر بالخير”.
من جهتها، شكت سلفان يوحنا متي (59 عاماً)، وهي موظفة متقاعدة في كركوك، أن اولادها الثلاثة «غادروا البلاد، الى لبنان وبلجيكا والسويد». وأضافت «أنا باقية بشكل مؤقت وانتظر المغادرة في اي لحظة»، مشيرةً إلى أن «المسيحيين الذين يتركون بغداد إلى كركوك أو اقليم كردستان يعتبرون مقرات الاقامة الجديدة مجرد محطات مؤقتة للهجرة النهائية”. وتابعت إن «التطرف والمستقبل المجهول والصراعات القومية والدينية والمذهبية والطائفية تجعلنا نفقد الثقة بالاوضاع، وبالأخص بعد رحيل الاميركيين”.
أما راعي خورنة مار يوسف في بغداد الأب سعد سيروب حنا، فلفت إلى أن المسيحيين موجودون في العراق منذ نهاية القرن الاول ميلادي وبداية القرن الثاني. ويشير حنا إلى أن الكنيسة المسيحية «كنيسة عريقة ساهمت بشكل فعال في مجالات دينية وثقافية واجتماعية وحتى سياسية، ولعبت دوراً كبيراً في بناء العراق في كثير من المراحل وخلق توازن بين الغرب والشرق”.
وبلغت اعداد المسيحيين في العراق حوالى مليون نسمة قبيل 2003، إلا أنها تراجعت اليوم وتدنت إلى حوالى 400 الف نسمة يتوزعون خصوصاً على المحافظات الشمالية والعاصمة بغداد، وفقا لارقام الكنائس ومراكز الابحاث.
وتعرض المسيحيون خلال السنوات الماضية الى عدة هجمات دامية. ويقول ساكو ان 57 من بين نحو 170 كنيسة ودار عبادة استهدفت في العراق منذ 2003 وحتى اليوم، فيما أدت هذه الهجمات الى مقتل 905 مسيحيين واصابة اكثر من ستة آلاف بجروح.
ويقول ساكو إن «هجرة المسيحيين تضاعفت رغم انحسار الهجمات التي تستهدفهم مؤخراً لأن المسيحيين يبحثون عن الامن والاستقرار وضمان مستقبل آمن لاولادهم ويبدو اننا عاجزون عن ايقاف هذه الهجرة حاليا”. ويشير إلى أن «الهجرة تشمل عموم المدن التي يتواجد فيها المسيحيون، بغداد وكركوك والموصل واقليم كردستان”.
ولا يرتبط قلق المسيحيين في العراق بما يحدث في البلاد فقط، اذ يثير مخاوفهم تصدر الاسلاميين المشهد السياسي في عدد من هذه الدول العربية، وكذلك بوادر صراع كبير بين السنة والشيعة. ويقول حنا إن «السنوات المقبلة ستكون صعبة جداً على الجماعات المسيحية في الشرق الأوسط والوطن العربي. إذ أن الجميع أمام تحد يكمن في مدى المحافظة على هذه الجماعات وصون حقوقها وخصوصيات دياناتها وتقاليدها”. ويوضح «لا اعرف كم من النضوج متوفر لدى قادتنا وسياسيينا واصحاب ثورات الربيع العربي حتى يتفهموا هذا التحدي ويجعلوه ممرا لخير وبناء الوطن”.
ويعبر حنا عن تشاؤمه تجاه تطور الاوضاع الاقليمية التي يرى انها «قد تتجه نحو صراع طائفي ديني بين كتلتي الاسلام، السنة والشيعة”. ويتابع «المسيحيون عالقون بينهما”.