- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

ثلاثية العصر: #الجنس… المال والسلطة

Ashkar-250x250زينب الأشقر
الدنيا التي سميت بهذا الإسم لدنوها من الآخرة أي الزوال أو ما عُرف بـ “دار الفناء” خلقها الله و سوَّاها و خلق فيها الإنسان من أسمى كائناته و مخلوقاته، و قدّر له عقلاً وروحاً وغريزةً، لكنه وقع بين أفكاك الجنس واقتبس أنياب المال وأصبح ضروساً تحت أضراس السلطة.
هذا الثلاثي الشهير اجتاح العالم بأسره منذ آدم وحواء الى يومنا هذا. فعلى مر العصور والخلافات والإمارات والمملكات وأصحاب الثروات مروراً بالاحتلال والإنتداب، وصولاً الى الجمهوريات والولايات، لا يزال هذا الثلاثي يرأس كافة المجتمعات الإنسانية، والتي طالما انشقت بسببه المذاهب والحكام وسيطر القوي على الضعيف باستبدال الغاية بالوسيلة والطريق بالهدف.
تلك الشهوة أو ما تُسمى بالغريزة التي تنطلق من أعماق النفس لتحقق “النشوة والسرور”، والتي كانت سبباً لاستمرار البشرية، أي الجنس، أخذ بالسيطرة على شهوة الملوك والعظماء وأصحاب العروش الذين اهتزت عروشهم مع اهتزاز خصور الفاتنات وانصاعوا لأوامرهم بقرارات تتحكم بمصائر شعوب.
من هنا لا بد من استذكار قول وزير الخارجيةالأميركيةالأسبق هنري كيسنجر: “إن السلطة أقوى مقوّي جنسي في العالم، فغالبية من شغلوا البيت الأبيض كانوا مهووسين بالنساء، فغرف البيت الأبيض الأميركي مليئة بالحكايات وجدرانه لها آذان، ولكن ليس لها لسان وإلا لكان الأمر مختلفاً تماماً، ولعل هذا ما دفع الرئيس (الراحل جون) كنيدي، ومن بعده (بسنوات بيل) كلينتون إلى كل هذه المغامرات”.
يعزز هذه الفرضية قول المرأة الحديدية مارغريت تاتشر: في السياسة إذا أردت شيئاً يُقال إسأل رجلاً، أما اذا أردت شيئأ يفعل فاسأل المرأة.
وعلى صعيد المجتمع الشرقي ومع ظهور “الربيع العربي” ظهرت فضائح للرأي العام بعد سقوط أنظمة عربية، كشفت عن أسرار الحريم في قصور الحكام العرب الذين كانوا يسقطون في حبائل غرائزهم ونزواتهم.
ومن أشهر تلك الفضائح ما نُشر عن الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، و”فضائحه” الجنسية مع نساء مسؤولين وزعماء، وخصوصاً مع فتيات مدارس كان يطلب من اعوانه خطفهن ويمارس معهن الابتزاز، حسبما ذكرت مصادر اعلامية عديدة.
أما عن السلطة فحدّث ولا حرج عن ذاك الإدمان الذي يحقق النشوة واللذة لأصحابها، وغالباً ما يصلون الى الذوبان في حبها. فقد اشتهر أصحاب السلطة والنفوذ بالعناد؛ وهو شعور مركب يتكون من الغرور والكبر واحتقار الآخرين وامتلاكهم وبسط السيطرة المطلقة لاغتصاب إرادتهم بحجة أن الشخص المعاند هو الأحكم والأعلم والأقدر، بينما الأخرين جهلاء قُصّر لا يمتلكون مهاراته.
تلك السلطة المعادلة التالية (استقرار الاستمرار واستمرار الاستقرار) ظناً منهم أنهم سيُخلّدون في ذاك السلطان.
كما بدا ويبدو لبعض من أصحاب النفوذ والمراكز المهمة في لبنان، الذين أخذوا من تحالف أخذوا من تحالف السلطة والمال ومصادرة الرأي الآخر و الحياة المترفة، قوة لا تُقهر، لما عرفوا به من تجاوزات من جميع الأشكال واعتلت كل المعايير منهم ومن حاشيتهم، بحيث أنه لطالما عُرف لبنان بنوعية وطريقة عيش تلك الحاشيات بالمقولة الشهيرة التالية: “كلب المير، مير”.
وأخيراً وليس آخراً “المال” وهنا لا بد من التوقف عند المعادلة التالية بأن المال هو الجاه والجاه هو السلطة. تلك المعادلة التي تنطبق بشكل واسع وكبير على مجتمعاتنا الشرقية. تلك التي تعاني من الوساطة وتسعى اليها في آنٍ معاً، وتلك التي تزعم تطبيق القيم الشرقية وهي تفقد أهم معاييرها. وأخرى تتحدث عن العدالة وهي تعاني من الانحياز. مجتمعات تعاني من الانفصام بالشخصية فمن لم يستطع تغيير نفسه يستحيل عليه تغيير حكم أو انظمة.
مجتمعات تتيح لذوي السلطة امتلاك الأموال وما حصلوا عليه من نفوذ وتجاوزات و صفقات على حساب القوانين و الشرائع.
المال والسلطة والجنس، كتلة سرطانية من العيار الأول والخطير فتكت في هذا الكون ولا أحد منا يهذّب نفسه من تلك الثلاثية، ولكن ما على العاقل الا التوقي والسير نحو الهدف والغاية وعدم الانجرار الى الطريقة والوسيلة التي قد لا تنجح الغاية دائماً في تبريرها. “فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور”.