- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

الإعلام الغربي والحرب على غزة

Bassam 2013نقطة على السطر

بسّام الطيارة

انتشر خبر الخطأ الذي ارتكبته محطة «ايه بي سي» الأميركية خلال التغطية الإخبارية للأحداث في الأراضي الفلسطينية، حين علقت المذيعة على الحدث مستعينة بصورة لفلسطينيين وسط أنقاض منازلهم المدمّرة في غزة، وادعت أنهم إسرائيليون. بالطبع عادت المحطة واعتذرت بعد يومين بـ«تغريدة على موقع تويتر» وكأن كل المشاهدين يتابعون كل تغريداتها على موقع التواصل هذا، ولكن في الحقيقة الإعلامية إن «وقع الصورة والخبر وتأثيرهما» هما عوامل لا يمكن «استردادها» عبر تغريدة… فالتأثير على الرأي العام يكون قد «فعل فعلنه».

هذا يتعلق بـ«خطأ» (على أساس إن بعض الظن إثم)، ولكن متابعة مركزة لنشرات الأخبار تفيدنا بتلاعب يبدو بريئاً إلا أنه تلاعب ذكي يحاكي لاوعي الرأي العام الغربي.

في فرنسا مثلاً نشرات أخبار المساء (بين السابعة والنصف والثامنة) وهي الأكثر متابعة فكيف كانت التغطية؟

لنتجاوز مسألة بداية التغطية بقصف الفلسطينيين للأراضي الإسرائيلية الذي يغطي ٧٠ في المئة من الخبر، ولنتجاوز أيضاً تعداد القتلى «يوميا» من دون الحديث عن العدد الإجمالي، ولنتجاوز أيضاً التشديد على الإسرائيليين «الهارعين إلى ملاجئ تركز الكاميرا فيها على كتب وألعاب الأطفال» لتحاكي عواطف المشاهد، ولنتجاوز أخيراً «الصور السريعة للدمار في غزة التي ترافقها تعليقات حول «قدرة حماس على قصف الأراضي الإسرائيلية» ما يعطي تبريراً غير مباشر لردة الفعل العنيفة، أي تبرير لهذا الدمار الذي يراه المشاهد.

نعم نتجاوز كل هذا لنرى ما حصل يوم الجمعة أي بعد خمسة أيام من القصف المميت على قطاع غزة، وخصوصاً بعد أن انتظم الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند وراء مؤيدي حق إسرائيل بالرد حسب قوله.

Capture d’écran 2014-07-11 à 23.40.08

الفيغارو تشدد على ٥٥٠ صاروخ أطلقتها حماس و ١٠٩٠ «هدف» تبدو وكأنها أهداف إسرائيلية بينما في الواقع هي «طلعات» الطيران الحربي الاإسرائيلي

في القناة الثالثة (الحكومية) انتهت جردة الأخبار المحلية بخبر  قصير جداً جاء فيه ما يلي : «مهدي نينموش المشتبه في قتله 4 أشخاص بالمتحف اليهودي في بروكسل لن يعترض على تسليمه إلى السلطات البلجيكية». ومباشرة بعد هذا الخبر انتقلت المذيعة إلى الشرق الأوسط بخبر مطلعة «تواصل اليوم القصف على أراضي الدولة اليهودية من غزة، ووصلت بعض الصواريخ إلى تل أبيب ما دفع بالإسرائيليين إلى الملاجئ كما نراه في الريبورتاج…» (هنا نرى شواطئ يهرع روادها إلى الملاجئ).

أين الذكاء في التلاعب؟ الخبران صحيحان مئة في المئة ،لكن ترتيبهما يحاكي لاوعي المواطن الفرنسي عبر وضع «قتل ٤ يهود في اعتداء إرهابي على متحف» في موازاة قصف أبرياء يقضون إجازتهم على الشواطئ. ما يأتي بعد ذلك من صور الدمار في غزة لا يمحي الشعور الأول الذي اجتاح المشاهدين.

في القناة الأولى (خاصة وتهتم كثيراً بالشؤون المحلية) سبق خبر غزة خبرً عن جريمة في مارسيليا «في الأحياء الشمالية» ويدرك الفرنسيون أن الأحياء الشمالي في مارسيليا هي الأحياء العربية. ومباشرة بعد ذلك يأتي ريبورتاج يبدأ بهرولة الإسرائيليين نحو الملاجئ وصور دمار أصاب محطة وقود في تل أبيب «يقابلها» صور شباب الفلسطينيين يحاولون إنقاذ فراش من تحت الأنقاض مع التشديد على «قصف حماس للأراضي الإسرائيلية». وأنهت مراسلة القناة ريببورتاجها في غزة بالإشارة إلى أن «الحرب يمكن أن تتطول فحماس خبأت كثيراً من الصواريخ في الأنفاق وأن غزة تحوي كثيراً من الأنفاق».

قد تنتفخ صدور عربية عند سماعها هذه «القفلة» التي تفيد أن «حماس قوية» ولكن هذه الإشارة يفهمها المشاهد الغربي تبريراً لضرب غزة لأنه يحاكي التبريرات الإسرائيلية لمتابعة ضرب غزة. … ويسمح هذا لفرنسوا هولاند بأن يقول «نحن مع حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها».