- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

تعاون الغرب وداعش لإفراغ الشرق من مسيحييه

Bassam 2013نقطة على السطر

بسّام الطيارة

أعلنت فرنسا على لساني وزيري الخارجية والداخلية الفرنسيين لوران فابيوس، وبرنار كازنوف، استعدادها «لتسهيل استقبال» مسيحيي العراق المعرضين “للاضطهاد” في إطار آلية لجوء. يذكر هذا «الاستعداد» بما حصل أيام المخضرم الوزير-الطبيب برنار كوشنر، من تسهيل لاستقبال مسيحيي العراق وسوريا وكذلك باستعداد عدد كبير من الدول الغربية لتسهيل استقبال مسيحيي الشرق وفي مقدمتهم مسيحيي فلسطين، وكأن في الأمر «خطة إفراغ الشرق» من مسيحييه.

إذا وضعنا جانبا ردة الفعل الإنسانية التي تجتاح الرأي العام الغربي تجاه ما يحصل لمسيحيي الشرق على يد “الجهاديين” التكفيريين، وركزنا على المغزى السياسي التاريخي لمثل عمليات التسهيل هذه، نجدها تصب في سياق تطهير عرقي لا جدال فيه يلبس رداء المساعدة الإنسانية.

إن إفراغ الشرق من مسيحييه هو أولا خدمة لإسرائيل. إذ أن هذه المساعدة الإنسانية تقود إلى جعل الصراع الاسرائيلي العربي «صراعاً وجهاً لوجه» بين اسرائيل الدولة العبرية ومجموعة الدول العربية التي تكون قد باتت إسلامية.

مثل هذا الصراع يبعد «وجع الرأس» عن الغرب؛ فهمجية إسرائيل اليهودية، كما يطالب بنيامين نتنياهو، تكون موجهة فقط نحو «همجية المسلمين»، وبالنسبة للغرب فكلا الديانتين يمثل «مضرباً للعنصرية» التي تجترح المشاعر الأوروبية الغربية منذ فترة غير قصيرة.

لاسامية الأوروبيين والغربيين متوقدة حالياً، إذ يكفي النظر إلى نتائج الانتخابات في السنوات الأخيرة، التي خلت، لنرى أن اليمين الفاشي يسجل نقاطاً متزايدة. هذه اللاسامية تتنقل بين معاداة لليهود يصعب التعبير عنها بسبب عقدة الذنب التي خلفتها النازية الفاشية والمحرقة، وبين معاداة للإسلام بدأت تتجذر بسبب تكاثر المهاجرين من الدول العربية والإسلامية في «ربوع» الغرب.

في كل مرة تضرب فيها اسرائيل دولة عربية أو تستهدف مدينة فلسطينية أو مجموعة ناشطة، يتم نقل الخبر وكأن لا وجود لمسيحيين؛ لا في فلسطين ولا في أي دولة عربية. عندما تستهدف الدولة العبرية لبنان (على سبيل المثال) تنقل الأخبار وكأنه لا وجود للمسيحيين في لبنان وأن الصراع هو بين «يهود إسرائيليين منتمين للغرب» وبين «لبنانيين مسلمين منتمين للعرب».

منذ العام ١٩٤٨ واسرائيل تعيث فساداً في فلسطين «مهد المسيحية» ولا ذكر لمسحيي أرض المسيح. تشير بعض التقديرات إلى أن أعداد الفلسطينيين المسيحيين في الأراضي المحتلة منذ العام ١٩٦٧ تصل إلى خمسين ألف مسيحي موزعين بين الضفة الغربية التي يقطنها ٤٧ ألفاً، وقطاع غزة الذي يقطنه ٣ آلاف مسيحي. أما مسيحيو «الداخل» (وراء الخط الأخضر) فيصل إلى ١١٧ ألف نسمة، في حين أن إجمالي مسيحيي فلسطين في أرض الهجرة يصل إلى ٥٠٠ ألف فلسطيني مسيحي مهاجر. ويصل عدد المسيحيين المهاجرين سنويا الى ٦٠٠ فرد تقريباً. لعل أهم أسباب الهجرة لدى الشباب، قلة فرص العمل و«تسهيل الغرب» لهجرتهم (يكفي أن يتوجه فلسطينيان إلى سفارة كندا على سبيل المثال لنرى أن المسيحي يحصل على تأشيرة هجرة، فيما يعاني المسلم كل معاناة للحصول على أمل بتأشيرة).

و«تسهل» أعمال داعش خطة الغرب لإفراغ الشرق من مسيحييه؛ فقبل أمس كانت فلسطين التي أفرغت من مسيحييها وأمس كانت سوريا و اليوم العراق وغداً يكون الدور لمن؟ لبنان؟