- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

يهود جنوب إفريقيا بين إسرائيل وغزة

alain_gresh3ألان غريش

التزام سكان جنوب إفريقيا ووقوفهم إلى جانب الفلسطينين، خاصة المتواجدين في قطاع غزة ليس بالأمر الجديد. فخلال عملية الرّصاص المصبوب عامي 2008-2009، كانت ردة فعلهم قوية. لقد خرج من جديد هذا الصيف، مئات الآلاف من سكان جنوب إفريقيا للتّظاهر من أجل غزة. ونجد تفسير هذا التّضامن عوامل عدة منها الكفاح ضدّ الفصل العنصري ما بين التّاريخ والوضع الحالي للفلسطينين، التّعاون الوثيق بين بريتوريا وتل أبيب خلال فترة الفصل العنصري وأخيرًا بيان نيلسون مانديلا بخصوص شعار: “الحرية لدينا لن تكتمل دون حرية الفلسطينيين”.

وتعدّ الجالية اليهودية في جنوب إفريقيا حوالي 100000 شخص وهي أغلبها صهيونية كما أنّ معظمهم لم يدن نظام الفصل العنصري. وحسب بعض الأفراد الذّين هم من الحزب الشّيوعي جازفوا بالنّضال ضدّ حكم البيض.

وخلال روبورتاج أعددته حول هذا البلد لجريدة “لوموند ديبلوماتيك” (أنظار جنوب إفريقيا إلى فلسطين) حيث كتبت عن السّيد أندرو فانشتان مندوب سابق وهو يهودي وشيوعي سابق بحيث فقد غالبية عائلته في المحارق الألمانية استطاع أن يجعل من برلمان جنوب إفريقيا الجديدة وهي أوّل مرة في تاريخه أن يكرّس خلال شهر ماي 2000 جلسة مغلقة. ويشرح على أنّه مثل غالبية البيض، فإنّ غالبية يهود جنوب إفريقيا مكثت جاثمة خلال الفصل العنصري بحيث أنّ هناك أوجه تشابه مماثلة في السياسة المتخذة ضدّ اليهود من قبل الألمان بين 1933 و1939 وبين السياسة التّي فرضت على غالبية سكان جنوب إفريقيا خلال الفصل العنصري. وهو يعطي مثالاً في شخصية “بيرسي يوتار” المدعي العام في محاكمة السّيد مانديلا إذ طالب بعقوبة الحكم بالإعدام ضدّ المتهم. وبعدها انتخب “يوتار” رئيسًا لأهم كنيسة يهودية في “جوهانسبورغ” وكان قد رحب من قبل قادة المؤسسات اليهودية التّي جعلته مثابة “ذخر للمجتمع”.

كما نوّهت خلال عملية الرّصاص المصبوب أنّ مديرية التنظيمات اليهودية وهي بمثابة المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية الفرنسية ساندت التّدخل الإسرائيلي.

هل الأمور تغيّرت؟ نعم، نسبيًا، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار مقال جريدة “هيرتز” الإسرائيلية بتاريخ 12 أوت، بحيث أنّه مهما بقي قادة الجالية اليهودية إلى جانب إسرائيل فإنّ رأي عدد كبير من اليهود قد تغيّر. وكما تشير إليه جريدة “هيرتز” فإنّه حسب “ساوث أفريكا جويش ريبورت” وهي جريدة الجالية اليهودية في جنوب إفريقيا انتقدت المواقف العاطفية لليهود تجاه اسرائيل.

وكان حادثان هما اللّذان ألهبا المشاعر، أوّلهما كان إظهار صورة ثلاثة شبان من مدرسة يهودية مرموقة في “جوهانسبورغ” وهي “كينغ ديفيد فيكتوري بارك” على الفايسبوك مرتدين كوفية تضامنًا مع غزة. وكانت أن حررت عريضة لإدانتهم جمعت 1200 توقيع وأخرى لصالحهم جمعت 1000 توقيع. وصرّح مكتب التربية اليهودية وهو جهاز مسؤول عن التعليم اليهودي في البلاد أنّه: “فيما يتعلّق بإسرائيل فإنّ مدرسة كينغ ديفيد تدعم وجود إسرائيل ولكنها لا تتخذ أيّ موقف سياسي معيّن. وزيادة على ذلك فنحن مع تعدد الأفكار والآراء فنحن نشجع الطّلاب على إدلاء بآرائهم واكتشاف أفكار مغايرة”.

ثانيهما، كان نشر إعلان من قبل “ساوث أفريكان ساندي تايمز” يقول فيه: “نحن يهود جنوب إفريقيا مرتاعون بما حدث من هجومات في قطاع غزة” وكان قد وقّع عليه أكثر من خمس مائة عضو بارز من الجالية اليهودية، وتوضح الرّسالة: “نحن فخورون على كوننا يهود، نحن نعلم أنّ لكل إنسان كرامته وأنّ حياة الجميع هي واحدة وفي الوقت ذاته نقاوم العداء ضدّ السامية، نحن نرفض التجريد من الإنسانية للفلسطينيين الذّي يهدف إلى تخفيف عبء حصيلة القتلى على ضمائرنا. نحن نوقع هذه العريضة لتأكيد إنسانيتهم وإنسانيتنا ونرفض موقف المنظمات اليهودية لجنوب إفريقيا التّي تساند دون هوادة الأعمال الإسرائيلية المخلة والتي تبعدنا عن السّلام العادل”.

وحتّى بين اليهود أنفسهم، فإنّ الحكومة الإسرائيلية تتعثر في الوجود على دعم. واللّوم يقع سواء على المعادين للسّامية أم لا، أولئك الذّين يريدون أن يربطوا يهود العالم بإسرائيل وسياستها.