فيما أكد رئيس بعثة مراقبي الجامعة العربية محمد أحمد مصطفى الدابي اليوم أن مهمة المراقبين تأتي «من أجل استقرار وأمن المنطقة»، متحدثاً عن جولات جديدة للمراقبين اعتباراً من مساء اليوم ستشمل درعا وادلب وحماه، يرى محللون أنه ربما يكون لدى بعثة المراقبة التابعة لجامعة الدول العربية مجرد أيام كي تثبت للمتشككين أنها يمكن أن تكون شاهداً له مصداقية على ما إذا كان الرئيس السوري بشار الأسد قد أوقف قمع المحتجين أم لا.
ويقول دبلوماسيون عرب ومحللون في المنطقة إن هؤلاء المراقبين الذين بدأوا جولاتهم في سوريا أمس يمثلون الركيزة الأساسية لخطة السلام العربية التي على دمشق الالتزام بها إذا كانت ترغب في تجنب وجود ذريعة لتدخل دولي أوسع نطاقاً.
واعتبر مدير مركز بروكينجز الدوحة سلمان شيخ، أنه «على بعثة المراقبة أن تثبت مصداقيتها الآن»، مشيراً إلى أن «مسألة تمكنها من دخول المناطق خلال اليومين أو الثلاثة القادمة ستبلغنا ما إذا كانت فعالة بأي شكل من الأشكال».
وأضاف «هناك جرعة صحية من التشكك في هذا الصدد فيما يتعلق بما هم قادرون على تحقيقه»، وسط مخاوف لدى البعض من أن المراقبين ربما يتعرضون للخديعة من السلطات السورية التي من الممكن أن تخلي المدن قبل وصولهم وأن تعيد القوات بمجرد رحيل المراقبين.
وعبر وحيد عبد المجيد وهو خبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في القاهرة عن خوفه من أن يتحول فريق المراقبة إلى شاهد زور عن عمد، لافتاً إلى أنه يخشى أن يلقي الفريق باللوم على العنف من الطرفين.
وفوجئ كثيرون باختيار الفريق أول الركن محمد احمد مصطفى الدابي رئيساً لفريق المراقبة وهو سوداني الجنسية ولديه خبرة في الوساطة بين الخرطوم وقوات حفظ السلام في السودان، لكن البعض يتساءل عما إذا كان بإمكانه أن يصبح شاهداً محايداً نظراً لخلفيته العسكرية في بلد يعاني من حركات تمرد وكثيراً ما يتهم بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان.
وقال عبد المجيد من مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية انه لم يعد عند الجامعة العربية أي شئ آخر يمكن أن تطرحه واتهمها بالتلكؤ ليس دفاعاً عن النظام السوري لكن لتعطيل التدخل الدولي. وهو يرى أن هذا سيحدث في وقت ما.
كما أن الموجودين داخل سوريا الذين رأوا الدم يراق في الوقت الذي تلكأت فيه الدبلوماسية العربية وشاهدوا الدبابات وهي تفتح النار في المناطق السكنية يشكون في أن بعثة المراقبة ستحدث تغييرا في التعامل مع النظام السوري.
وفي السياق، قال تامر وهو عامل بناء سوري في اتصال هاتفي من حمص التي كانت أول محطة زارها المراقبون «لا يمكننا الاعتماد على الجامعة العربية. ليس لنا سوى الله. نحن نتحمل هذا منذ عشرة أشهر وهم مستمرون في اعطاء الحكومة مهلة والآن بعثوا مراقبين أخيراً»، متسائلاً «ماذا بعد ذلك؟ مزيد من المهل؟ حتى نموت جميعاً؟».
وعلى الرغم من أن منتقدي هذه البعثة ربما كانوا يرغبون في إجراء أسرع وأكثر حسماً لوقف العنف، إلا أن المبادرة العربية هي خطوة غير مسبوقة في تاريخ الجامعة وتعد من بين أول التحولات وأكثرها جذرية لجامعة الدول العربية والتي بدأت في ليبيا والتحديات التي تواجه المنطقة خلال انتفاضات «الربيع العربي».
لهذه الأسباب، فإن البعض في المعارضة السورية على استعداد لمنح بعثة الجامعة الوقت اللازم لإثبات قدرتها على أن تكون شاهداً محايداً رغم رغبتهم انتظار أن يظهر التقييم أن القمع الذي تمارسه الحكومة لم ينحسر.
وقال ملهم الدروبي من جماعة الاخوان المسلمين وهي جزء من قوة سورية معارضة أوسع نطاقا،ً إنهم ينتظرون لمعرفة ما الذي ستفعله البعثة وإنهم يتوقعون أن تتمكن من كتابة تقرير به العديد من الحقائق لأن الحقائق جلية تماماً.
واستناداً إلى تقارير من داخل سوريا يتوقع الكثير من المحللين أن تكون بعثة المراقبة مقدمة لتصعيد الملف السوري لجهات خارج نطاق الجامعة، ولاسيما بعدما حذرت قطر التي قادت جهوداً لدفع سوريا نحو الموافقة على المبادرة العربية من أنه ربما يطلب من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تبني الخطة العربية.