بيروت – «اخبار بووم»
عقد رئيس الوزراء اللبناني، نجيب ميقاتي اليوم مؤتمراً صحافياً جديداً من السراي الحومية تناول فيه عدد من الملفات من بينها الوضع الأمني في البلاد، فشدد على اهمية الحفاظ على الاستقرار من أقضى الشمال إلى أقصى الجنوب. كما دافع عن موقف لبنان من «الاحداث التي تشهدها دول عربية شقيقة، هو الموقف السليم الذي يُبقي البلد بعيداً عن تداعيات ما يحصل». إلاّ أن الأهم من ذلك، كان حرص ميقاتي على تأكيد أنه «لا جفاء مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري»، معتبراً أن الأخير يعد «صمام الأمان وكاسح الالغام على خط الحكومة» التي تشهد علاقة ميقاتي ببعض أطيافها توتراً ملحوظاً على عكس الانفراجات التي حققها ميقاتي على صعيد علاقاته الخارجية.
فمنذ اقرار تمويل محكمة رئيس الوزراء اللبناني السابق، نجح ميقاتي في التحرر من «العزلة الغربية» التي كانت مفروضة عليه حتى وقتٍ قريب. وبعد أن قام بزيارة سابقة إلى بريطانيا، ها هو يستعد للتوجه إلى فرنسا منتصف الشهر القادم في أول زيارة خارجية له منذ اقرار تمويل المحكمة الدولية، في اشارة واضحة إلى ان الأبواب لم تعد مغلقة أمام ميقاتي خارجياً وتحديداً لدى فرنسا التي تولت توجيه دعوة رسمية له لزيارتها.
إلا أن الانفراج على صعيد علاقات ميقاتي الخارجية لا يبدو أنه ينعكس داخلياً وتحديداً في ما يتعلق بعلاقته مع حلفائه في الحكومة، حزب الله والتيار الوطني الحر.
فمنذ اعادة تصويب حزب الله موقفه من مرسوم تصحيح الأجور، واصطفافه إلى جانب حليفه ميشال عون في مواجهة رئيس الوزراء اللبناني، تتوالى التسريبات عن أن امتعاض حزب الله من رئيس الحكومة، قد وصل إلى ذروته. وهو امتعاض مرتبط بشكل أساسي بفقدان ثقة الحزب بميقاتي نتيجة الظروف التي أحاطت باقرار حصة لبنان في محكمة الحريري، ولا سيما أن حزب الله يبدو انه غير قادر حتى اللحظة على هضم «الصفعة السياسية» التي تلقاها بسبب تخيير ميقاتي الحزب بين تقديم استقالته أو تمويل المحكمة. الأمر الذي دفع الحزب في حينه للموافقة على التمويل، ليتخذ فيما بعد قراراً بعدم تقديم أي تنازل جديد لميقاتي «مجاناً» وهو ما انعكس بوضوح في اعادة اصطفاف الحزب إلى جانب حليفه العوني في ملف تصحيح الأجور، فيما يتوقع أن تشهد الأيام القادمة تصاعداً في التوتر بين الطرفين على خلفية عدد من الملفات بينها التعيينات القضائية.
على الرغم من ذلك، يدرك ميقاتي أن لـغضب حزب الله حدود وكوابح تجعله غير قادر على الاطاحة به من منصب رئاسة مجلس الوزراء كما فعل مع سلفه سعد الحريري.
وينطلق ميقاتي في حساباته من حساسية الظروف الداخلية والاقليمية. فعلى الصعيد الداخلي، يدرك ميقاتي انه ليس وحيداً في مجلس الوزراء في ظل وجود وزراء وليد جنبلاط، ووزراء رئيس الجمهورية ميشال سليمان، فضلاً عن الدور المحوري لبري في منع فتيل الانفجار الحكومي.
خارجياً، يدرك ميقاتي أن دمشق لن تعطي الضوء الأخضر لاسقاطه ولاسيما أن استقرار لبنان في هذه المرحلة يعد ضرورياً بالنسبة لها ليس فقط لعدم جلب مزيد من الضغوط الدولية عليها بل أيضاً لرغبتها في وجود حكومة قادرة على مراعاة مصالحها في لبنان وتحديداً في ما يتعلق بمسألة التهريب المتزايدة على الحدود.
ومن هذا المنطلق، يسعى ميقاتي لاستغلال تواجده في رئاسة الوزراء لتعزيز شعبيته، وهو ما يبرز في عدد من الخطوات التي اتخذها في الآونة الأخيرة.
فإلى جانب حرصه على اظهار تمسكه بصلاحيات رئيس الوزراء الدستورية، بما في ذلك تأكيده اليوم أنه لن يتم طرح أي بند على جدول اعمال مجلس الوزراء من دون موافقته، يجاهد ميقاتي لتعزيز موقعه بين أبناء طائفته محاولاً الابتعاد عن أي خطوات تستفزهم وتمنح خصومه السياسيين في تيار المستقبل فرصة للتصويب عليه من خلالها.
ولذلك لجأ مياتي إلى اعتماد سياسة «النأي بالنفس» في ما يتعلق بالملف السوري وتحدث مراراً بشكل واضح عن ضرورة تأمين احتياجات اللاجئين السوريين لعدم اغضاب البيئة السنية التي تحضتنهم. كما حرص ميقاتي على مغالطة وزير دفاعه، فايز غصن الذي تحدث عن وجود لتنظيم القاعدة في لبنان وتحديداً في منطقة عرسال. وأخيراً، لجأ «النجيب» أخيراً إلى مجاراة دعوة نواب تيار المستقبل لجعل بيروت مدينة منزوعة السلاح، واعداً بتقديم خطة لذلك في القريب العاجل في اشارة واضحة إلى أن رئيس الوزراء اللبناني وبعد أن استوعب صدمة تبدلات التحالف في مجلس الوزراء انتقل إلى مرحلة جديدة من احراج حلفائه الحكوميين وخصومه السياسيين.