- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

مصر – تركيا – السعودية: تثاؤب التاريخ

Bassam 2013نقطة على السطر

بسّام الطيارة

لا يكرر التاريخ نفسه ولكنه «يتثائب» مذكراً بمساره السابق. مصر نعلن اليوم «همساً» أنها مع التحالف الدولي لمحاربة داعش وكل الحركات الإرهابية كما يقول عبد الفتاح السيسي ولكن من دون المشاركة الفعلية. وتركيا تستعد لدخول هذا التحالف بعد «اسبوع من الابتزاز الجيوستراتيجي»، للحصول على ضوء أخضر يسمح لها بسحق كل محاولة كردية لبناء «إدارة ثاتية»  في سوريا (وبالتالي في تركيا). نتسائل هل تبقى مصر في مثل هذا التحالف؟ وهو ليس بسؤال ساذج.

التاريخ يقول: في كل مرة تحركت تركيا نحو «سوريا الكبرى» تحركت مصر للتصدي لها (من زمن المماليك إلى العصر الحديث مروراً بحملة ابراهيم باشا والتنافس في الحركة التحديثية في القرن التاسع عشر). يكفي النظر إلى خارطة المنطقة لنرى أن مصر وتركيا تشكلا وزنين متوازيين يحاصرا سوريا الكبرى. التوازي لا يقتصر عند الجغرافيا فهو ديموغرافي واقتصادي وعسكري ويمكن القول أيضاً إنه إيديولوجي دينياً فبين النقشبندية والأزهر هاوية لا تكفي أوامر الحلف الأميركي لردمها، والتراشق الكلامي خير دليل على أن الخطين المتوازيين في سياسة الشرق الأوسط خطان لا يلتقيان.

يفرض هذا الواقع سؤالاً حول موقف المملكة العربية السعودية المشاركة بالحلف عبر بعض الطلعات الجوية فوق العراق: فالمملكة الوهابية داعمة قوية للنظام المصري الجديد الذي أطاح بحركة الأخوان التي دعمتها أنقرة بقوة. ويركز باراك حسين أوباما مطالبه حول ضرورة وضع جانباً الحساسيات والتنافس الإيديولوجي والصراع على النفوذ في المنطقة لصب كل الجهد لمحاربة داعش. أوباما يعترف اليوم بأن أجهزة مخابراته «أساءت تقدير قوة داعش». ولكنه لا يعترف بأن استخباراته وإدارته لا يقولون بأن نصف القوى الإقليمية المشاركة في التحالف دعمت بقوة ماليا وعسكريا الكتائب المقاتلة التي تحولت إلى داعش، أهم هيه القوى وتحت حجة إسقاط النظام السوري دعمت الكتائب الجهادية نجد المملكة الوهابية وتركيا في مقدمتها… ولكننا لا نجد مصر. ولا أحد يستطيع أن يقول أن مصر منذ عهد مبارك حتى عهد السيسي مروراً بمرحلة محمد مرسي قدمت دعما عسكريا أو مالياً للكتائب الجهادية المحاربة في سوريا.

اليوم تجد مصر نفسها إلى جانب قطبين دعما عسكريا «داعش والنصرة» وتجد أن على أراضيها كتائب جهادية تعلن تأيديها إما لداعش أو للنصرة. دعم الرياض وأنقرة «الإيديولوجي-الديني» لداعش والنصرة لا غبار عليه. الدعم المالي قد يكون قد جف أو خف. ولكن ما هي الأهداف الجيواستراتيجية التي تحملها كل من العاصمتين في مرحلة «ضرب» ربيبيهما؟

الأهداف المشتركة تبدو جلية : ١) اسقاط النظام السوري ولكن القاهرة لم تعد ترفع هذا الهدف شعاراً أساسياً. ٢) دعم االتوجه الإسلامي السياسي لسوريا المستقبل ولكن هذا يتناقض مع توجه مصر الراغبة بإبعاد الإسلام السياسي عن الحكم حيث تعاني وعانت منه وستعاني منه كثيراً قبل تضميد جروح «الثورة».

أسئلة كثيرة تدور حكماً في رأس الدولة المصرية: مسار سياسة تركيا معاكس لمسار مصر، ولكن أيضاً مسار المملكة الوهابية الإيديولوجي معاكس أيضاً لمسار مصر، فما العمل في هذه الظروف؟. تركيا حليف أساسي في الحلف الأطلسي وشريك مهم لأميركا ومصر كذلك لها نفس «البروفيل»، السعودية حليف؛ أميركا الأولى وكذلك مصر. فما العمل؟

ما العمل أمام حلف عسكري يقوم على أسسس إقليمية لا تأخذ بالحساب المصالح الصمرية؟  حلف عسكري يذكر بـ… حلف بغداد الشهير الذي كان موجها ضد … مصر.

حقاً إن التاريخ يتثائب.