- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

التضحية بالأولاد والتكليف الشرعي

Attwi Moammar 2014معمر عطوي

يحمل مفهوم التضحية الذي يرمز اليه عيد الأضحى عند المسلمين، دلالات عديدة حول عبودية الإنسان للإله والتضحية بأخيه الانسان على مذبح هذا الرب، تيمناً برواية ابراهيم الذي همّ بذبح ولده إسماعيل استجابة لطلب رباني بذبحه، وربما استناداً الى رؤية أو منام.

هذا المفهوم الذي يستلب إرادة الإنسان وحريته في اتخاذ قراره لمجرد أن الآمر هو جهة مقدّسة، ليس مجرد رواية تاريخية أو آية قرآنية تمر مرور الكرام، بل هو مصداق لتصور ديني يومي تعبّر عنه الممارسة أكثر من كونه أسطورة يستمتع قارئها بسرديتها وتفاصيلها الدرامية.

لقد لجأ الأوصياء على السياسة الدولية وحياكة الخطط والمؤامرات للسيطرة على الثروات وخيرات الشعوب، إلى استخدام التاريخ والمقدس من أجل التأثير على الضحية لتصبح هي الجلاد فتنفذ ما يريده أصحاب مصانع الأسلحة وصناعة النفط والذهب ولتقدم لهم خدمة “شرعية” على طبق من ذهب.

فالتضحية بالأولاد هي واجب شرعي أراد الله لإبراهيم أن يقوم به مع اسماعيل لولا افتدائه بالكبش، لكن ابراهيم قام بهذه التضحية مجدداً مع زوجته هاجر وإبنه اسماعيل، لكن هذه المرة كرمى لعيون زوجته الثانية سارة، حين أطلق الأولى في الصحراء مع طفلها في حر الهجيرة من دون ماء ولا طعام، فكاد اسماعيل ان يدفع الثمن الذي أعفاه منه الله في البداية، لكن هذه المرة على يد زوجة والده النبي، لولا العثور على نبع ماء زمزم الذي أنقذه وأمه في اللحظات الأخيرة وأصبحت ماؤه مقدسة في العرف الديني الإسلامي، حيث يتزود كل من يزور مكة ببعض من زمزم.

هذه القصة أيضاً كانت بتدبير من “الرب المقدس” الذي أمّن لإسماعيل ووالدته الماء فأنقذهما من الموت عطشاً وجوعا.

لكن المفارقة أن ضحايا التنظيمات المسلحة في سوريا والعراق ولبنان ونيجيريا والصومال، أو ضحايا الدول التي تعذّب الناس وتعدمهم بأشنع الطرق كما في السعودية وإيران والكيان الصهيوني، هم ضحايا باسم الله.

هكذا تدفع التنظيمات والدول الدينية بشبابها سواء كانت مسيحية أو يهودية أو اسلامية، وسواء كانت شيعية أو سنية أو علوية أو درزية الخ.. إلى معارك “مقدسة”، تحت شعار حماية الجماعة تارة، وتحت عنوان حماية المقدسات والمقامات تارة أخرى، وتحت عنوان “الوعد الالهي كما في المسألة الفلسطينية. فتضحي بهم على مذبح أهدافها السياسية ومصالحها الاقتصادية باسم القيام بواجب شرعي أو تكليف شرعي هو في الواقع ليس سوى استجابة لمخططات دولية وتأمين لمصالح أمنية وطموحات سياسية اقليمية. هكذا تتجسد رواية التضحية التي يعيش مناخاتها المسلمون في عيد الأضحى من كل عام بذبح الأغنام. أما هذه التنظيمات والأحزاب جميعها فلا تقبل بكبش الرب بل تصر على ذبح اسماعيل وباسم الله وباسم الجهاد ويا لهول مصير هذه الأمة امام هذا الغباء الذي يستسلم له شبابنا تحت ذريعة العبودية لله.