- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

بين الحرب والأسطورة

Najat2014نجاة شرف الدين

في زمن الحروب ، تكثر رواية القصص المرتبطة بإنجازات وإنتصارات يتم تحقيقها على الأرض ، ويذهب البعض الى قصص يتصدر الخيال فيها حيزا واسعا حول  شكل المعارك وحجم الخسائر والأضرار التي تنتج عنها . وفي زمن الدواعش الذي يدير جزءا كبيرا من حربه عبر الإعلام من خلال ما يتم تصويره وتسويقه عبر وسائل التواصل الاجتماعي والعمل على صورته ، كتنظيم قوي ويمارس العنف أينما كان ومن دون أي تردد وهو ما حصل في تصوير قطع الرؤوس للرهائن الأجانب لديهم مثل الصحافيين والعاملين في المؤسسات الإنسانية ، فهم أرادوا بث الرعب وإثارة الرأي العام وفي الدرجة الأولى تعميم الخوف على الجميع ، للترهيب لدى وصولهم الى أي نقطة أو موقع .
في لبنان ، ومنذ دخول داعش وجبهة النصرة على جبهة جرود عرسال ، وإختطافهم العسكريين اللبنانيين ، حاولوا زرع الرعب لدى المواطنين ، وكان سبقها سلسلة من التفجيرات الإنتحارية التي إستهدفت أماكن سكنية وأدت الى سقوط العديد من الشهداء والجرحى ، وإستكملت مشهد الرعب عبر قطع رؤوس ثلاثة من العسكريين اللبنانيين ، مما زاد من حالة الخوف ، وعملت جبهة النصرة وداعش ، على إستغلال أهالي العسكريين من خلال الإتصال بهم والطلب إليهم التحرك وقطع الطرقات للضغط على الحكومة اللبنانية من أجل القبول بمبدأ المقايضة ، والهدف الأبعد هو إحداث حالة من التوتر الداخلي بين اللبنانيين ضد السلطة السياسية .
هذه الأجواء التي خلقتها المنظمات الإرهابية في لبنان من خلال الدعوات الى الوقوف بوجه حزب الله بسبب مشاركته في الحرب في سوريا وهددت القرى ذات الغالبية الشيعية في منطقة البقاع وقامت بهجوم على جرود بريتال ونشرت صورا إدعت فيها أنها سيطرت على أحد مواقع الحزب وقتلت عناصره وإستولت على أسلحته ، في محاولة إعلامية جديدة لخلق حالة من الترهيب في المنطقة . في المقابل ، حزب الله الحامل لإرث المعارك الرابحة بوجه إسرائيل كما في معركة القصير في سوريا التي غيرت إتجاه الحرب ، رد على الحملة الإعلامية ، عبر وسائل الإعلام اللبنانية من خلال     السماح لها بنقل الصور من مكان المعركة وتصوير الأماكن التي تسلل منها الإرهابيون الى جرود بريتال وعرض ما تم تكبده   من خسائر فادحة في العناصر اللذين أجبرهم الى العودة من حيث أتوا .
قصة الحرب بين حزب الله وداعش والنصرة دخلت في أجواء الأساطير حيث يعتبر جمهور الحزب أن رجال المقاومة قتلوا المئات من الإرهابيين وقضوا عليهم ، وحاولت جبهة النصرة الإدعاء أنها هي من قتلت عناصر من الحزب ونشرت شريط فيديو قالت إنه للعملية التي قامت بها . بالطبع هي ليست المرة الأولى التي تستعمل فيه منظمة إرهابية وسائل الإعلام ولا سيما التواصل الإجتماعي لتمرير رسالتها ، إلا أن  ما يحصل اليوم هو حملة مبرمجة من داعش والنصرة لرسم صورة الأسطورة عن ما يقومون به من أجل تعميمها وهو ما بدأ يؤثر فعليا على الرأي العام ، وما الخوف من وصولهم الى مناطق أبعد ألا أحد أشكال هذا الخوف .
الحرب مستمرة كما الأسطورة ، وبغياب الحماية للمواطنين إلا من طوائفهم ، وبغياب الدولة الواحدة والموحدة ، يبقى الخوف الحقيقي أن تصبح الأسطورة  واقعا…