- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

جورج قرم: اسرائيل هجّرت المسيح الى … واشنطن

Rita Chahwan (editor)ريتا بولس شهوان

هل “التوحيد” بالله مسؤول عن العنف والحروب؟ حجة لتحقيق مآرب ومصالح دنيوية ؟ بهذه الاسئلة اختصر الدكتور جورج قرم خلال محاضرة «بنية الديانات التوحيدية وأساليب توظيفها في الميدان السياسي والحربي» التي افتتحت بها كلية العلوم الدينية في «جامعة القديس يوسف» (اليسوعية) أخيراً سلسلة ندواتها الأسبوعية للسنة الأكاديمية الجديدة، المشكلة بالشرق الاوسط الذي كان قد توسع به في اسهاب بكتابه “المسألة الدينية في القرن الواحد العشرين” (دار الفرابي).

لم يعرض قرم جديداً عن ما ورد في كتابه كما عن كتاب اوليفيه روا “نحو اسلام اوروبي” (دار المعارف الحكمية)، الا ما مرّ عليه الزمن منذ 2007 من احداث سياسية كظهور “داعش” و تغيّر في الخريطة السياسية والبنية الاجتماعية التي تضع اولوية النقاش لموضوع “الحركات الاسلامية” وهو موضوع توسع فيه اوليفيه دون ان يذكر قرم المرجع باعتبار ان الكتاب صادر عن مؤسسة بحثية لحزب الله غامزاً ومنتقدا نهج حزب الله في موضوعات دينية وسياسية في الشرق الاوسط” مطلقا تسمية على المرحلة هذه بالـ “ايام دراماتيكية”.

أهمية الموضوع في السياق السياسي والاحداث السياسية التي تستدعي مناقشة علمية لمواضيع اسلامية – مسيحية و يهودية بمقاربة جدية تحدد لولب الصراع الفلسطيني والاتجاهات السياسة التي تتحكم في المجتمع لاغراض سياسية. غير ان “علمية” الطرح في العنوان التي اختارته الياسوعية، لم يتلاءم مع انتفاضة “تربية” قرم المسيحية كما نقلبعض الزملاء عند سماع الاخير عبارة «الحضارة اليهودية المسيحية». عنصر المكان، الياسوعية، يلعب دوراً في جدلية فكر قرم فلو كان ذلك طرحاً في الجامعة الاميركية (الانجيلية) لما توسع في الربط بين صورة الله في البروتسانت واليهود بمعنى الاسرائيليون.
تصويب المعلومات المتداولة عن النظام العلماني بنسخته الفرنسية والنظام المعصرن المستقاة ايضا من كتاب اولفيه روا والرابط بينه وبين “الحروب الدينية” لم يكن الا تعليقاً على منشورات دار المعارف الحكمية دون تسميتها. لم يوفّق قرم في وضع اطار الحروب الدينية في انها فتحت المجال لنظام علماني وتحييد الدين عن النظام السياسي في الاتحاد الاوروبي، كما تحييد الدين عن الصراعات السياسة داخل المجتمعات الاوروبية حتى مع اشارته الى ً الى ان الدنيوية ليست الا دخول رجال الدين الى المجتمع مثلا البروتستانت او الشيوخ الملسمين مقارناً بينهم وبين الاكليرس الذين يتنجنبون الحياة الاجتماعية والمجتمع. هذا الاطار لم يترك للقارئ الا ان يستخلص ان البروتستانت وجزء من الديانة المسيحية، ليست الا حليفة الياهودية(!)

المعلومات المُحكمة السبك لهدف لم يحدده قرم، هدفت الى إظهار لم طبيعة الحروب الحديثة في الشرق المتأثرة في اوروبا ومختلفة عن الحروب التاريخية في داخل مذهب الاسلام وعند المسيحيين المضطهدين واعادة اضطهادهم لرافضي الانقياد وراء الدين المسيحي موجهة ضد الياهود بشكل مباشر، فماذا يجيب قرم لياهود لبنان الذين لم يشاركوا يوما في اي حرب حتى مع اجتياح اسرائيل للبنان؟
اختلاف الصورة بين التاريخ والحاضر وفق قرم جعل من الدينين الاسلامي – المسيحي أكثر انفتاحا على مفهوم الحوار مقابل محافظة اليهودية على صورة العهد القديم “إله الحرب” الذي ادى الى هجرة المسيح الى واشنطن، غير ان قرم لم يسأل نفسه مثلاً عن جذور رفض بعض رجال الدين الياهود في اسرائيل ضد الدولة الاسرائيلية في وجه ارهاب الفكر الصهيوني المختلف عن الدين الياهودي؟
صورة الانفتاح هذه بين الاسلام والمسيحية من ناحية “العيش” والحوار الذي يحاول قرم التسويق له باعتبار انه خلاصة قراءات وبعض التجارب المعيوشة في مصر وفرنسا، المقتبس عن بداية التجربة الاوروبية في العلمانية لحل الازمات بين الناشئة نتيجة الصراعات في الكنيسة يقابله نموذج آخر في ثورة المفاهيم داخل الفكر الاسلامي نفسه كمحمد بن عبد الوهاب والأزهر محدداً طرريقة نشأة المذهب الوهابي الذي ظهر في الجزيرة العربية والمغرب وهي في الاصل “حركة تصحيحة” لسلوكيات المسلمين التي اعتبرت بانها سلوكيات وثنية او خارجة عن الدين الاسلامي وكان تحالف مع آل سعود الذي كان لديهم مطالب “توسيعية” سياسي مما “سيّس” المذهب كما مثل الثورة الايرانية واحكام النظام الاسلامي الذي خلط مبادئ الجمهورية الاسلامية الحديثة مع سلطة رجال الدين الذي يسيّرون الحكم السياسي وقد تبلور الصراع مع اميركا عبر السفارة الفلسطينية في ايران .

استغرب قرم كيف ان بعض البلاد العربية مثلا تعطي حق لنفسها النطق باسم دين علما ان الدين سماوي سائلاً “كيف يمكن لبلد ان يتكلم باسم السماء ؟” وقد أعاد السبب الى “المصالح الدنيوية” التي تختبئ وراء الدين فيكفرون المؤمنين وذلك بهدف اعطاء الشرعية لاعمالهم المخالفة لاقصى القواعد الانسانية ومن هذا المنطلق ضرورة حوار الاديان اذ انه لا المسلم سيصبح مسيحي ولا العكس اذا القضايا المتصارع عليها في جوهرها سياسي بالتالي فلنتكلم بالسياسة واقترح توصيات لحل هذه الازمات الشرق اوسطية كـ “انشاء مركز عالمي لمراقبة مظاهر التوظيف الدين او المذهب الديني او ابراز المطامع الدنيوية وراءها” مستسخفا المصطلح المتداول في كتاب صامويل هانتينغتون «حرب الحضارات» التي تنرج ضمن مقولة أكثر سخافة على حد تعبيره ادعاء أن هناك كتلة بشرية واسعة مادية مسيحية واخرى اسلامية يتناحرون.