- أخبار بووم - https://www.akhbarboom.com -

يبدو أن “داعش” يستر عيوبهم!

Attwi Moammar 2014معمر عطوي

يتساءل المتابع لشؤون المنطقة كيف طغى إسم تنظيم “داعش” على كل ما حوله فبات هو القضاء والقدر والمصير الأسود والشيطان الذي لا يمكن هزمه إلاّ بسلطان.

ما الهدف من تعويم اسم “داعش” والمساهمة المكثفة في التخويف منه عبر نشر صور وشرائط مصورة وقصص رعب عن ممارسات عناصر هذا التنظيم؟ ولماذا امتدت افعال التنظيم كالنار في الهشيم في الاعلام والسياسة والمجتمعات ووسائل التواصل الاجتماعي، فبات كل تصريح يحمل في مضمونه كلمة “داعش” وكل بيان يبدأ بعبارات التخوف والخشية والحذر من خطر تنظيم “الدولة الاسلامية”. حتى الطرائف والنكات باتت ممهورة بخاتم “داعش” فباتت الكوميديا سوداء بامتياز.

من الغريب حقاً ان يصبح اسم “داعش” معمماً ومنتشراً بهذا الشكل. هذا يؤكد أن التنظيم، الذي يروجونه على انه الأخطر والأغنى والأكثر تشدداً وارهاباً، هو من صنيعة دوائر عالمية نافذة أرادت من خلاله تحقيق مخططات جديدة للمنطقة.

لا احبذ الخوض في طبيعة هذه المخططات والحديث عن تقسيم المقسّم الى دويلات مذهبية تعطي الصهاينة ذريعة اقليمية في إثبات يهودية كيانهم الذي سلبوه من الفلسطينيين. لكن بلا شك أدى الترويج لـ”داعش” دوراً رائداً في اخفاء معالم جرائم وملامح صور فساد في المنطقة والعالم، فتراجعت الى مستوى أقل.

لم يعد الحديث عن أميركا في تصريحات دول “الممانعة” الا كدولة رائدة لا يمكن الاستغناء عن خدماتها تحت شعار قتال تنظيم “داعش”، فهرعوا الى طلب “مرفوض” بالتعاون معها، ليغطوا استباقياً اجتياحها لمناطقهم تحت عنوان المشاركة في الحرب على الارهاب. حتى ان مصطلح الارهاب الذي كان يشمل ايران و”حزب الله” وسوريا و”حزب العمال الكردستاني” ومنظمة “ايتا” الانفصالية وغيرها اصبح لا يساوي الا “داعش”. الى درجة ان “جبهة النصرة” التي نشأت و”داعش” من مشكاة واحدة -عنيت تنظيم “القاعدة”- اصبحت من التنظيمات “المعتدلة” في نظر أميركا.

ثمة سؤال حقيقي والاجابة عنه قد لا تقل خطورة عما توصف به مخاطر “داعش” نفسها. لماذا “داعش” ومن خلق هذا التنظيم وأوصله الى ما هو عليه بهذه السرعة القصوى؟ ومن سكت وغض النظر عن تضخمه وتورمه بهذا الشكل؟ أين أصبح الحديث عن جرائم النظام السوري وخصوصاً البراميل المتفجرة؟، وجرائم التنظيمات التي تقاتل في سوريا، بدءاً من “جبهة النصرة” وصولاً الى “حزب الله”؟.

أين اصبح الحديث عن فساد الساسة اللبنانيين وغيرهم من العرب. هل بات “داعش” اخطر من العوائل الحاكمة في امارات الخليج، والتي تقتل وتسرق وتفعل ما يحلو لها بحق شعوبها وخيراته؟ وهل غطّت جرائم “داعش” على ارهاب اميركا وحلفائها حيث قتلوا اكثر من مليون شخص خلال العقدين الأخيرين من افغانستان الى العراق مروراً بالصومال وافريقيا الوسطى ومالي وليبيا واليمن ولبنان وفلسطين الخ. وهل اصبحت “داعش” اخطر من النظام المصري الذي يسحل عناصره بنات المحروسة في الشوارع؟ وماذا عن الدول الإقليمية الأخرى، خصوصاً تركيا وايران. دول تسعى الى تعزيز نفوذها في المنطقة على حساب أبناء هذه المنطقة فتفتعل الحروب المذهبية القذرة وتقتل باسم الدين. كل ما تبتغيه كل دولة، اقليمية او عالمية، هو ايجاد موطىء قدم لها في عالم تتناحر فيه المذاهب والهويات تحت رعاية الاستبداد.

حقاً يبدو ان “داعش” هو أفضلهم اذا ما جلس المرء قليلاً وتذكّر فسادهم وجرائمهم ومخططاتهم الدنيئة التي لم ينتج عنها الا اراقة دماء الأبرياء وتدمير ما تبقى من هيكل. هل بات “داعش” هو الخلاص الذي ينتظره الناس من هذه النخبة الظالمة، فينتقل من تحت “الدلفة الى تحت المزراب” على حد وصف المثل اللبناني.  أم أن دور “داعش” هو تنظيف سجلاتهم وجعل جرائمهم في طي النسيان، نعم، المرحلة الآن، هي مرحلة تركيز على خطر مجموعة من المسلحين المتخلفين الذين تربّوا ودُرّبوا ومُولوا في رحاب محافل عالمية نافذة. هي مرحلة ذر الرمال في عيون كل من ينتبه مساوئهم لصرف الأنظار عنهان فلم يعد هناك من شيطان ومن سوء ومن بغض ومن حقد ومن تطرف ومن تخلف سوى “داعش”، وكل ما دونه طهارة ومحبة وقيم وجمهوريات فاضلة!!